نعم يمكن اختلاف المعتبر في الشدة والضعف ، فيكون المعتبر نجاسة شديدة لشيء ونجاسة ضعيفة لشيء آخر ، كما ورد ذلك في الناصب انه أنجس من الكلب والخنزير ، الا ان ذلك أجنبي عن محل البحث وحصول ضعف في نجاسة المتنجس بغسله مرة واحدة.
وان شئت فقل ان الاعتبار ـ بما هو ـ وان كان غير قابل للاتصاف بالشدة تارة والضعف أخرى ، الا انه لا مانع من اعتبار الشارع نجاسة شديدة لشيء ونجاسة ضعيفة لآخر بملاك يقتضي ذلك ، فان هذا بمكان من الوضوح ولكن هذا غير ما نحن بصدده كما لا يخفى.
وقد يتخيل في المقام انه لا شبهة في تفاوت الأحكام الشرعية من حيث القوة والضعف والأهمية وعدمها ، ضرورة انها ليست في رتبة واحدة. وعلى نسبة فاردة ، كما هو ظاهر. وعليه فكيف يمكن نفي التفاوت بينها ، وعدم اتصافها بالشدة والضعف.
ولكن هذا الخيال خاطئ وغير مطابق للواقع ، وذلك لأن مركز نفى الشدة والضعف عن الأحكام الشرعية انما هو نفس الاعتبار الشرعي بما هو اعتبار. ومن المعلوم انه غير قابل للاتصاف بهما أبدا كما مر. واما اتصاف الحكم بكونه أهم من آخر وأقوى منه فانما هو باعتبار الملاك المقتضى له ، بمعنى ان ملاكه أقوى من ملاكه وأهم منه لا باعتبار نفسه ، ضرورة ان الأحكام الشرعية بملاحظة أنفسها في رتبة واحدة ، وعلى نسبة فاردة فليس هذا الاعتبار بما هو اعتبار أقوى وأهم من اعتبار آخر .. وهكذا ، فاذن يكون اتصافها بالأقوائية والأهمية انما هو بالعرض والمجاز ، لا بالذات والحقيقة ، والمتصف بهما بالذات والحقيقة انما هو ملاكات تلك الأحكام كما لا يخفى.
واما بحسب الكبرى فعلى تقدير تسليم الصغرى (وهي قبول النجاسة