من ناحية عدم قدرة المكلف على امتثال كليهما معاً.
ومن هنا قلنا انه لا منافاة بينهما ذاتاً وحقيقة ، والمنافاة انما هي بالعرض والمجاز ولأجل ذلك اختصت المزاحمة والمنافاة بينهما بالإضافة إلى العاجز ، فلا مزاحمة بينهما بالإضافة إلى القادر أصلا ، وهذا بخلاف باب التعارض ، فانه تنافي الحكمين بحسب مقام الجعل مع قطع النّظر عن وجود أي شيء في الخارج وعدمه فيه ، ولذا لا يختص التعارض بين الحكمين بالإضافة إلى شخص دون آخر. وقد تقدم الكلام في تمام هذه النقاط في بحث الضد بصورة مفصلة فلا نعيد. هذا إذا لم تكن مندوحة للمكلف في مقام الامتثال. واما إذا كانت مندوحة له ، بان يتمكن من امتثال كلا التكليفين معا ، غاية الأمر أحدهما بنفسه والآخر ببدله ، فهل يدخل ذلك في كبرى مسألة التزاحم أم لا وجهان :
فقد اختار شيخنا الأستاذ (قده) الوجه الأول ، بدعوى ـ انه لا فرق في تحقق المزاحمة بين حكمين ـ ان تكون هناك مندوحة للمكلف أم لم تكن. ومن هنا قال (قده) ان أول مرجحات باب التزاحم هو ما إذا كان لأحد الحكمين المتزاحمين بدل دون الحكم الآخر ، فيتقدم ما ليس له بدل على ماله بدل في مقام المزاحمة ، وهذا انما يتحقق في أحد موردين :
الأول ـ ما إذا زاحم بعض افراد الواجب التخييري الواجب التعييني ، كما إذا وقعت المزاحمة بين صرف المال الموجود عنده في نفقة عياله وصرفه في إطعام ستين مسكيناً ـ مثلا ـ بعد فرض انه لا يكفي الا لأحدهما فحسب ، وحيث ان للثاني بدلا في عرضه ـ وهو صوم شهرين متتابعين ـ فيتقدم الأول عليه في صورة المزاحمة مطلقاً ولو كان ماله البدل أهم منه.
الثاني ـ ما إذا وقعت المزاحمة بين الأمر بالوضوء أو الغسل ، والأمر بغسل الثوب أو البدن للصلاة ، وبما ان للوضوء أو الغسل بدلا في طوله ـ وهو التيمم