فيتقدم الأول عليه ، فتنتقل الوظيفة إلى التيمم.
أقول : اما المورد الأول فقد تقدم الكلام فيه بشكل واضح في بحث الضد عند التكلم عن مرجحات باب التزاحم ، وقلنا هناك انه خارج عن كبرى هذا الباب ، وذلك لما ذكرناه في بحث الواجب التخييري من ان الواجب هو الجامع بين الفعلين أو الأفعال ، لا كل واحد منهما ـ مثلا ـ الواجب في خصال الكفارة هو الواحد لا بعينه ، لا كل واحد منها خاصة. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى قد ذكرنا ان منشأ التزاحم بين الحكمين انما هو عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما في مرحلة الامتثال.
فالنتيجة على ضوئهما هي انه لا تزاحم في أمثال هذا المورد ، لفرض ان المكلف قادر على امتثال كلا الواجبين معاً ، ومعه لا مزاحمة بينهما أبداً ، ضرورة انه كما يكون قادراً على امتثال الأمر بالنفقة والإتيان بمتعلقه في الخارج ، كذلك يكون قادراً على امتثال الأمر بالجامع بين الخصال والإتيان بمتعلقه فيه. فما هو واجب ـ وهو الجامع بينها ـ لا يكون مزاحماً للأمر بصرف هذا المال في النفقة ومانعاً عنه ، وما هو مزاحم له ومانع عنه ـ وهو إطعام ستين مسكيناً ـ ليس بواجب ، فاذن لا يعقل التزاحم في هذه الموارد.
نعم التزاحم انما يكون في تطبيق هذا الجامع على خصوص هذا الفرد ـ وهو الإطعام ولكن التطبيق بما انه باختيار المكلف وإرادته ، ولا يكون ملزما في تطبيقه على هذا الفرد ، لا من قبل الشرع ، ولا من قبل العقل ، فله الخيار في التطبيق على هذا أو ذاك ، ولكن حيث ان تطبيقه على خصوص هذا الفرد في المقام مزاحم لامتثال الواجب الآخر ، ومستلزم لتركه ، فلا يجوز ، بحكم العقل بل هو ملزم بتطبيقه على غيره لئلا يزاحم الواجب ، كما هو واضح. وتمام الكلام في ذلك قد تقدم في بحث الضد فلاحظ.