واما المورد الثاني فقد تقدم الكلام فيه أيضا بصورة واضحة في بحث الضد ، وقلنا هناك ان أمثال هذا المورد داخلة في كبرى باب التعارض ، دون باب التزاحم فراجع ، ولا حاجة إلى الإعادة.
ونتيجة ما ذكرناه هي ان مسألة الاجتماع على القول بالامتناع وسراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به تدخل في كبرى باب التعارض ، وتكون من إحدى صغرياتها ، فلا بد عندئذ من الرجوع إلى قواعد ذلك الباب. وعلى القول بالجواز وعدم السراية تدخل في كبرى باب التزاحم ، إذا لم تكن للمكلف مندوحة في البين ، بان لا يتمكن من الإتيان بالصلاة في خارج الأرض المغصوبة واما إذا كانت له مندوحة ، بان كان متمكناً من الإتيان بها في الخارج ، فلا تزاحم أبداً.
الرابعة ـ هل ان مسألتنا هذه من المسائل الأصولية أو من المسائل الفقهية ، أو من المسائل الكلامية ، أو من المبادئ التصديقية؟ وجوه وأقوال : قيل انها من المسائل الفقهية ، بدعوى ان البحث في هذه المسألة في الحقيقة عن عوارض فعل المكلف وهي صحة العبادة في المكان المغصوب وفسادها فيه. وهذا هو الضابط لكون المسألة فقهية لا غيرها.
ويرده ما تقدم من ان البحث فيها ليس عن صحة العبادة وفسادها ابتداء ، بل البحث فيها متمحض في سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به وعدم سرايته. ومن الواضح جدا ان البحث من هذه الناحية لا يرتبط بعوارض فعل المكلف أبدا ، ولا يكون بحثاً عنها أصلا ، بل الصحة التي هي من عوارض فعله تترتب على القول بعدم السراية ، ونتيجة لهذا القول ، وهذا ملاك كون هذه المسألة مسألة أصولية ، لا غيرها وذلك لما تقدم من ان الميزان في كون المسألة أصولية ترتب نتيجة فقهية عليها ، ولو باعتبار أحد طرفيها من دون ضم