كبرى مسألة أصولية أخرى ، وكيف كان فعدم كون هذه المسألة من المسائل الفقهية من الواضحات الأولية.
الثاني ـ انها من المسائل الكلامية بتقريب ان البحث فيها عن استحالة اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد وإمكانه عقلا. ومن الظاهر ان البحث عن هذه الجهة أعني الاستحالة والإمكان يناسب المسائل الكلامية دون المسائل الأصولية ، ضرورة ان الأصولي لا بد ان يبحث عما يترتب عليه أثر شرعي ، وليس المناسب له البحث عن إمكان الأشياء واستحالتها.
وغير خفي ان البحث في هذه المسألة وان كان عقلياً ، ولا صلة له بعالم اللفظ أبدا ، الا انه مع ذلك ليس من المسائل الكلامية. والوجه فيه هو ان الضابط في كون المسألة كلامية هو ان يكون البحث فيها عن أحوال المبدأ والمعاد ومسألتنا هذه وان كانت مسألة عقلية ، الا ان البحث فيها ليس بحثاً عن أحوال المبدأ والمعاد في شيء ، بل البحث فيها ـ كما عرفت ـ انما هو عن سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به وعدم السراية. ومن المعلوم انه لا مساس لها على كلا القولين بالعقائد الدينية والمباحث الكلامية.
وبكلمة أخرى ان المسائل الكلامية وان كانت مسائل عقلية ، الا انه ليس كل مسألة عقلية مسألة كلامية ، بل هي طائفة خاصة منها ، وهي ما يترتب على البحث عنها معرفة المبدأ والمعاد ، وبذلك نميز المسائل الكلامية عن غيرها ، فكل مسألة يترتب على البحث عنها هذا الغرض ، فهي من المسائل الكلامية ، والا فلا ، وحيث ان هذا الغرض لا يترتب على البحث عن مسألتنا هذه فلا تكون منها.
نعم يمكن إرجاع البحث في هذه المسألة إلى البحث عن أحوال المبدأ والمعاد بتقريب ان يجعل البحث فيها عن قبح صدور الأمر والنهي منه تعالى بالإضافة إلى شيء واحد وعدم قبح ذلك منه تعالى ، وبهذه العناية وان كانت من المسائل