الكلامية ، الا ان البحث فيها ليس عن هذه الجهة في شيء ، بل قد عرفت ان البحث فيها عن السراية وعدمها بعد ما تعلق الأمر بطبيعة ، والنهي بطبيعة أخرى واتفق انطباقهما على شيء ، فعندئذ يقع الكلام في سراية النهي من متعلقه إلى ما تعلق به الأمر وعدم سرايته. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى قد ذكرنا ان الضابط لكون المسألة أصولية أو كلامية أو غيرهما انما هو جهة البحث في تلك المسألة ، فان كانت الجهة مما يترتب عليه الغرض الأصولي تكون المسألة أصولية ، وان كانت مما يترتب عليه الغرض الكلامي تكون كلامية .. وهكذا ، كما هو واضح. وحيث انه يترتب على البحث عن هذه المسألة غرض أصولي ، فهي من المسائل الأصولية ، لا غيرها.
الثالث ـ انها من المبادي الأحكامية ، والمراد بها ما يكون البحث فيه عن حال الحكم ، كالبحث عن ان وجوب شيء هل يستلزم وجوب مقدمته ، أو حرمة ضده أم لا؟ والبحث في هذه المسألة في الحقيقة بحث عن حال الأحكام من حيث إمكان اجتماع اثنين منها في شيء واحد وعدم إمكانه. وعليه فتكون المسألة من المبادي الأحكامية ، كما هو الحال في بقية مباحث الاستلزامات العقلية.
ويرده ان المبادي لا تخلو من ان تكون مبادئ تصورية أو مبادئ تصديقية فلا ثالث لهما ، والمبادي التصورية عبارة عن تصور نفس الموضوع والمحمول بذاتهما وذاتياتهما ، والمبادي التصديقية هي التي تكون مبدأ للتصديق بالنتيجة ، فانها عبارة عن الصغرى والكبرى المؤلفتين منهما القياس المنتج للعلم بالنتيجة. ومن تلك المبادي المسائل الأصولية بالإضافة إلى المسائل الفقهية باعتبار انها تكون مبدأ للتصديق بثبوت تلك المسائل ، وتقع في كبرى القياس الواقع في طريق استنباطها ، وبهذا الاعتبار تكون المسائل الأصولية مبادئ تصديقية لعلم الفقه ، لوقوعها في كبرى قياساتها التي تستنتج منها المسائل الفقهية ، ولا نعقل المبادي