قواعد باب المزاحمة ، فيقدم أحدهما على الآخر لمرجح ان كان ، وإلا فهو مخير بين ان يصرف قدرته في امتثال هذا وان يصرف قدرته في امتثال ذاك ، فعدم المندوحة في البين يوجب وقوع التزاحم بين التكليفين على القول بالجواز في المسألة لا انه يوجب عدم صحة النزاع فيها ، كما هو ظاهر.
الثامنة ـ قد يتخيل ان النزاع في المسألة في الجواز والامتناع يبتني على القول بتعلق الأحكام بالطبائع دون الافراد ، بتقريب انه على القول بتعلق الأحكام بالافراد والمصاديق لا مناص من الالتزام بالقول بالامتناع ، ضرورة انه لا يعقل ان يكون المجمع وهو الفرد الواحد الخارجي مصداقا للمأمور به والمنهي عنه معاً ولم يقل أحد بجواز ذلك حتى القائل بجواز الاجتماع ، وذلك لأنه انما يقول به بدعوى ان تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون لا مطلقاً ، فاذن لا يعقل النزاع في المسألة على هذا القول ، وهذا بخلاف ما إذا كان متعلق الأوامر والنواهي هو الطبائع الكلية ، فانه يبقى حينئذ مجال للبحث ، فان الأمر إذا تعلق بطبيعة ، والنهي تعلق بطبيعة أخرى ولكن اتفق انطباقهما في الخارج على شيء ، فعندئذ يقع النزاع في سراية كل من الأمر والنهي من متعلقه إلى متعلق الآخر وعدم سرايته. وقد تقدم ان مرد ذلك إلى ان تعدد متعلقي الأمر والنهي هل يوجب تعدد المجمع في مورد الاجتماع والتصادق أو لا يوجب ، فالقائل بالامتناع يدعى الثاني وان تعدده لا يوجب تعدد المعنون في الخارج ، والقائل بالجواز يدعى الأول وان تعدده يوجب تعدد المعنون فيه.
ولنأخذ بالمناقشة فيه وهي ان هذا الخيال يرتكز على نقطة واحدة ، وهي ان معنى تعلق الأمر بالافراد هو تعلقه بها بما لها من المشخصات الخارجية واللوازم المفردة للطبيعة بحيث تكون تلك اللوازم داخلة في متعلق الأمر ، لا انها ملازمة له. وعليه فالغصب حيث انه من مقولة الأين مشخص للصلاة في المكان