والنواهي بالافراد. والقول بالجواز يرتكز على القول بتعلقها بالطبائع بدعوى ان متعلق الأمر والنهي إذا كان هو الطبيعة فكل من متعلقي الأمر والنهي يغاير الآخر في مرحلة تعلق الحكم به ، فلم يجتمع الأمر والنهي في واحد ، وانما الاجتماع في مرحلة أخرى غير مرحلة تعلق الأمر والنهي بشيء. واما على القول الآخر (وهو القول بتعلق الأوامر والنواهي بالافراد) فيما ان متعلقهما هو الفرد فلا يمكن اجتماعهما على فرد واحد وتعلقهما به.
فالنتيجة هي انه لا بد من الالتزام بهذا التفصيل.
ولكن هذا الخيال فاسد جدا وغير مطابق للواقع قطعاً. والوجه في ذلك هو ان هذا التفصيل بظاهره لا يرجع إلى معنى محصل أصلا ، إذ لا فرق بين تعلق الأوامر والنواهي بالطبائع وتعلقهما بالافراد من هذه الناحية أبداً ، ضرورة ان تعلقهما بالطبائع لا يقتضي تعدد المجمع في مورد الاجتماع كذلك ، كما ان تعلقهما بالافراد لا يقتضي وحدة المجمع فيه ، فان وحدة المجمع في مورد الاجتماع ترتكز على كون التركيب بين متعلقي الأمر والنهي تركيباً حقيقياً ، واما إذا لم يكن التركيب بينهما حقيقياً. كما إذا تعلق الأمر بمقولة والنهي بمقولة أخرى فلا مناص من الالتزام بتعدده فيه. ومن الواضح جدا انه لا يفرق في ذلك بين تعلق الأمر بطبيعي هذه المقولة أو بأفرادها ، وكذا الحال في النهي ، ضرورة انه كما لا يمكن التركيب بين هذه المقولة وتلك واندراجهما تحت مقولة ثالثة كذلك لا يمكن التركيب بين فرد من هذه المقولة وفرد من تلك وكونهما موجودين بوجود واحد ، فاذن لا فرق بين تعلق الأحكام بالطبيعة وتعلقها بالافراد من هذه الناحية أصلا.
ونتيجة ما ذكرناه هي ان ملاك وحدة المجمع في مورد الاجتماع أو تعدده فيه امر آخر ، ولا صلة له بتعلق الأمر والنهي بالطبيعة أو بالفرد.