الحرمة وتقديمه على دليل الوجوب وبذلك يقيد إطلاق دليله ، فإذا فرض سقوط دليله واقعاً ، كما في المقام فلا مانع من شمول إطلاقه له أصلا.
وبتعبير آخر قد ذكرنا ان المعتبر في صحة العبادة امر ان أحدهما ان يقصد القربة والآخر ان يكون الفعل في نفسه قابلا للتقرب به ، والمفروض ان كلا الأمرين في المقام موجود.
اما الأول فلفرض ان المكلف قصد القربة واما الثاني فلفرض ان الفعل في نفسه سائغ واقعاً ، ومعه لا مانع من التقرب به بإتيانه بداعي الأمر المتعلق بالطبيعة ، لفرض انها تشمله بعد سقوط دليل المقيد لها واقعاً ، وهذا ظاهر.
ومن هنا حكمنا بصحة الوضوء في الماء المغصوب نسيانا إذا كان عن قصور وذلك لفرض ان التصرف فيه جائز واقعا ، ومعه لا مانع من شمول إطلاق دليل وجوب الوضوء له.
فالنتيجة ان ما نسب إلى المشهور من صحة الصلاة في الدار المغصوبة في حال نسيان الحكم أو الموضوع إذا كان عن قصور متين جدا ولا مناص عنه. ولكن ما نسب إليهم من صحة الصلاة فيها في حال الجهل فقد عرفت انه غير تام.
لحد الآن قد تبين أن ما أفاده (قده) في هذه المقدمة من الثمرة لا يمكن إتمامه بدليل ، بل لا يترقب صدوره من مثله (قده).
وبعد ذلك نقول انه (قده) (المحقق صاحب الكفاية) (قده) قد اختار في المسألة القول بالامتناع ، ورتب ذلك القول على بيان مقدمات :
الأولى ـ ما لفظه : انه لا ريب في ان الأحكام الخمسة متضادة في مقام فعليتها وبلوغها إلى مرتبة البعث والزجر ، ضرورة ثبوت المنافاة والمعاندة التامة بين البعث نحو واحد في زمان والزجر عنه في ذاك الزمان ، وان لم يكن بينهما مضادة ما لم تبلغ إلى تلك المرتبة ، لعدم المنافاة والمعاندة بين وجوداتها الإنشائية