والآخر عتق الرقبة والثالث إطعام ستين مسكيناً فيكون الواجب على الأول واقعاً هو الصوم وعلى الثاني العتق وعلى الثالث الإطعام ، ومن الواضح جداً ان هذا مناف صريح لقاعدة الاشتراك في التكليف التي هي من القواعد الضرورية ، فاذن لا يمكن الالتزام بهذه النظرية أبداً. (وثالثاً) ان لازم هذا القول ان لا يكون وجوب في الواقع عند عدم اختيار المكلف أحدهما وترك امتثاله وعصيانه ، ضرورة ان الوجوب إنما يتحقق باختيار المكلف إياه في مقام الامتثال كما هو المفروض ، واما قبل اختياره فلا وجوب واقعاً ليصدق عليه انه تركه وعصاه فيستحق العقوبة.
وان شئت فقل : ان لازم هذه النظرية هو ان وجوب كل منهما في الواقع مشروط باختيار المكلف إياه في ظرف الامتثال ، ولازمه هو انه لا وجوب له قبل اختياره ، ضرورة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه ، كما هو واضح فاذن لا موضوع للعصيان واستحقاق العقوبة عند ترك المكلف الإتيان بالجميع ، ضرورة ان إيجاد الشرط غير واجب عليه ، وهذا بديهي البطلان. (ورابعاً) انه إذا لم يكن شيء منهما واجباً في حال العصيان فلا يكون واجباً في حال الامتثال أيضاً ، والوجه في ذلك هو ان كلا من العصيان والامتثال وارد على موضوع واحد ، فيتحقق العصيان فيه مرة والامتثال مرة أخرى ، فإذا فرض انه لم يكن واجباً في حال العصيان فلا يعقل ان يكون واجباً في حال الامتثال مثلا الصلاة قصراً إذا لم تكن واجبة في حال عصيانها فلا محالة لا تكون واجبة في حال امتثالها أيضاً ضرورة انها اما ان تكون في الواقع واجبة أو ليست بواجبة فيه فلا ثالث لهما ، وعلى الأول فهي واجبة في كلتا الحالتين ، وعلى الثاني فهي غير واجبة كذلك لوضوح انه لا يعقل ان يكون وجوبها مشروطاً بامتثالها والإتيان بها في الخارج فان مرده إلى طلب الحاصل واشتراط الأمر بالشيء بوجوده وهو غير معقول ،