الموارد والإتيان به بقصد الأمر تشريع ومحرم ، فاذن لا وجه لعده من أمثلة المقام. واما في موارد استثنائه كما إذا نذر الصوم في السفر فليس بمكروه ، ليلزم اجتماع الوجوب مع الكراهة.
وقد أجاب المحقق صاحب الكفاية ـ قده ـ عن هذا الدليل بوجهين : الأول بالإجمال. والثاني بالتفصيل :
اما جوابه الإجمالي فإليك نصه : «فبأنه لا بد من التصرف والتأويل فيما وقع في الشريعة مما ظاهره الاجتماع بعد قيام الدليل على الامتناع ، ضرورة ان الظهور لا يصادم البرهان ، مع ان قضية ظهور تلك الموارد اجتماع الحكمين فيها بعنوان واحد ، ولا يقول الخصم بجوازه كذلك. بل بالامتناع ما لم يكن بعنوانين وبوجهين فهو أيضاً لا بد له من التفصي عن إشكال الاجتماع فيها سيما إذا لم يكن هناك مندوحة ، كما في العبادات المكروهة التي لا بدل لها ، فلا يبقى له مجال للاستدلال بوقوع الاجتماع فيها على جوازه أصلا كما لا يخفى».
ونوضح ما أفاده (قده) في عدة نقاط :
الأولى ـ ان الظاهر من هذه الموارد وان كان اجتماع الحكمين في شيء واحد الا انه لا بد من رفع اليد عن هذا الظاهر والتصرف فيه وتأويله من ناحية قيام الدليل القطعي على الامتناع واستحالة اجتماعهما في موضوع واحد ، بداهة ان الظهور مهما كان لونه لا يمكن ان يصادم البرهان العقلي الّذي قام على استحالة الاجتماع بمقتضى المقدمات المتقدمة.
الثانية ـ ان هذه الموارد التي توهم اجتماع حكمين فيها لشيء واحد خارجة عن مورد النزاع في المسألة. والوجه في ذلك هو ان النزاع فيها ما إذا كان الأمر متعلقاً بعنوان كالصلاة ـ مثلا ـ والنهي تعلق بعنوان آخر كالغصب ، وقد اتفق اجتماعهما في مورد واحد كالصلاة في الدار المغصوبة ، فعندئذ يقع النزاع فالقائل