واما النقطة الثالثة فيرد عليها ما تقدم من انه لا دخل لقيد المندوحة في جواز الاجتماع أصلا ، لما عرفت من ان القول بالجواز يبتني على تعدد المجمع في مورد الاجتماع وجوداً وماهية ، فإذا كان متعددا كذلك لا مناص من القول به سواء أكانت هناك مندوحة أم لا كما ان القول بالامتناع يبتنى على وحدة المجمع فيه ، فإذا كان واحدا كذلك لا مناص من القول به ولو كانت هناك مندوحة ، فلا دخل لقيد المندوحة ولا لعدمه في جواز الاجتماع وعدمه أصلا.
واما جوابه التفصيليّ فإليك نصه : «ان العبادات المكروهة على ثلاثة أقسام : أحدها ـ ما تعلق به النهي بعنوانه وذاته ولا بدل له كصوم يوم عاشوراء أو النوافل المبتدأة في بعض الأوقات. ثانيهما ـ ما تعلق النهي به كذلك ، ويكون له البدل كالنهي عن الصلاة في الحمام. ثالثها ـ ما تعلق النهي به لا بذاته ، بل بما هو مجامع معه وجوداً أو ملازم له خارجا كالصلاة في مواضع التهمة ، بناء على ان يكون النهي عنها لأجل اتحادها مع الكون في مواضعها.
اما القسم الأول : فالنهي تنزيهاً عنه بعد الإجماع على انه يقع صحيحاً ومع ذلك يكون تركه أرجح كما يظهر من مداومة الأئمة عليهمالسلام على الترك اما لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك فيكون الترك كالفعل ذا مصلحة موافقة للغرض ، وان كان مصلحة الترك أكثر ، فهما حينئذ يكونان من قبيل المستحبين المتزاحمين فيحكم بالتخيير بينهما لو لم يكن أهم في البين ، وإلا فيتعين الأهم ، وان كان الآخر يقع صحيحاً حيث انه كان راجحاً وموافقاً للغرض ، كما هو الحال في سائر المستحبات المتزاحمات بل الواجبات ، وأرجحية الترك من الفعل لا توجب حزازة ومنقصة فيه أصلا ، كما يوجبها ما إذا كان فيه مفسدة غالبة على مصلحته ولذا لا يقع صحيحاً على الامتناع ، فان الحزازة والمنقصة فيه مانعة عن صلاحية التقرب به ، بخلاف المقام فانه على ما هو عليه من الرجحان وموافقة الغرض