واما القسم الثالث ـ وهو ما إذا كانت النسبة بين المأمور به والمنهي عنه بالنهي التنزيهي نسبة العموم من وجه فقد ظهر الحال فيه مما تقدم ، وحاصله انه لا إشكال فيه في صحة العبادة على القول بالجواز أي جواز اجتماع الأمر والنهي ولا يكون دليل النهي عندئذ موجباً لتقييد إطلاق دليل المأمور به ، لفرض تعدد متعلقي الأمر والنهي حينئذ في مورد الاجتماع من ناحية. وعدم سراية الحكم من أحدهما إلى الآخر من ناحية أخرى ، وعلى هذا فلا موجب للتقييد أصلا. واما على القول بالامتناع وفرض وحدة المجمع في مورد الاجتماع وجوداً وماهية فربما يتخيل فساد العبادة فيه من ناحية توهم التنافي بين صحتها في مورد الاجتماع وكونها مكروهة فيه ، لتضاد الأحكام وعدم اختصاصه بالوجوب والحرمة ، بل يعم جميع الأحكام الإلزامية وغيرها ، فاذن فرض كون العبادة مكروهة ينافى كونها مصداقا للواجب أو المستحب. وعليه فلا بد من تقييد إطلاق دليل الأمر بغير موارد الكراهة ، كما هو الحال فيما إذا كان النهي تحريمياً.
ولكن هذا خيال خاطئ وغير مطابق للواقع ، والوجه في ذلك هو ان النهي عن حصة خاصة من العبادة لا يوجب تقييد إطلاقها بغيرها إذا كان تنزيهياً كما هو المفروض في المقام ، فان النهي التنزيهي بما انه ملازم للترخيص في إيجاد متعلقه في الخارج فلا ينافي الرخصة في انطباق الطبيعة المأمور بها عليه ، وهذا بخلاف ما إذا كان النهي تحريمياً ، فانه ينافي إطلاق المأمور به على ما تقدم بيان جميع ذلك بصورة واضحة فلا نعيد. وان شئت قلت ان القسم الثالث على القول بالامتناع يدخل في القسم الثاني ويكون من صغرياته فيجري فيه جميع ما ذكرناه فيه.
الثاني ـ ما عن جماعة من ان المولى لو امر عبده بخياطة ثوب ونهاه عن الكون في مكان خاص ، فلو خاطه في ذلك المكان لعد عاصياً للنهي عن الكون فيه ، ومطيعاً لأمر الخياطة.