تلخص ان العبرة انما هي بوحدة زمان المتعلق وتعدده فحسب ، فان كان واحداً يستحيل تعلق الأمر والنهي به وان كان زمان تعلق أحدهما به غير زمان تعلق الآخر ، وان كان متعددا فلا مانع من تعلقهما به وان كان زمان تعلقهما واحدا كما إذا امر المولى يوم الخميس بإكرام زيد يوم الجمعة ونهاه في ذلك اليوم عن إكرامه يوم السبت ، فانه لا محذور فيه أبدا.
نعم يمكن للمولى العرفي ان يأمر بشيء وينهى عنه في زمان آخر اشتباها أو بتخيل ان فيه مصلحة مقتضية للوجوب ثم بان انه لا مصلحة بل فيه مفسدة مقتضية للتحريم ، الا انه لا أثر في مثل ذلك ، لأحد الحكمين أصلا ، بل هو صدر اشتباها وغفلة لا حقيقة وواقعاً.
وبكلمة أخرى فقد ذكرنا غير مرة ان الغرض من الأمر بشيء أو النهي عنه انما هو إيجاد الداعي للمكلف إلى الفعل في الخارج أو الترك في مقام الامتثال. ومن الواضح جدا ان الداعي انما يحصل له فيما إذا كان المكلف متمكناً من الامتثال في ظرفه. واما إذا لم يتمكن منه فلا يحصل له هذا الداعي ومع عدم حصوله يكون الأمر أو النهي لغوا محضاً فلا يترتب عليه أي أثر ، ومن المعلوم ان صدور اللغو من الحكيم مستحيل. وعليه فلا يمكن ان يكون فعل واحد مأمورا به ومنهياً عنه معاً ولو كان زمان أحدهما غير زمان الآخر من هذه الناحية أيضاً أعني ناحية المنتهى والامتثال.
وقد تحصل مما ذكرناه ان الخروج في مفروض الكلام ان كان مشتملا على مفسدة امتنع تعلق الأمر به وان كان مشتملا على مصلحة امتنع تعلق النهي به ولو من الزمان السابق ، لفرض ان المولى علم باشتماله على المصلحة في ظرفه ، ومعه يستحيل ان ينهى عنه في ذلك الظرف. وقد عرفت ان العبرة في استحالة تعلق الأمر والنهي بشيء واحد وإمكانه انما هي بوحدة زمان المتعلق وتعدده ، فان