كما ان في عدة من المحرمات منفعة مالية أو بدنية. مع ان الأولى تابعة لمصالح كامنة فيها والثانية تابعة لمفاسد كذلك ، فاذن لا موضوع لهذه القاعدة بالإضافة إلى الأحكام الشرعية أصلا.
الثاني ـ ان وظيفة المكلف عقلا إنما هي الإتيان بالواجبات والاجتناب عن المحرمات بعد ثبوت التكليف شرعاً ، واما دفع المفسدة بما هي أو استيفاء المصلحة كذلك فليس بواجب لا عقلا ولا شرعاً ، فلو علم المكلف بوجود مصلحة في فعل أو بوجود مفسدة في آخر مع عدم العلم بثبوت التكليف من قبل الشارع لا يجب عليه استيفاء الأولى ولا دفع الثانية ، واما مع العلم بثبوته فالواجب عليه هو امتثال ذلك التكليف لا غيره فالواجب بحكم العقل على كل مكلف إنما هو أداء الوظيفة وتحصيل الأمن من العقاب ، لا إدراك الواقع بما هو ، واستيفاء المصالح ودفع المفاسد.
وعلى هذا فلا يمكن ترجيح جانب الحرمة على جانب الوجوب من ناحية هذه القاعدة ، بل لا بد من الرجوع إلى مرجحات وقواعد أخر لتقديم أحدهما على الآخر ان كانت ، وإلا فيرجع إلى الأصول العملية.
ومن الغريب ما صدر عن المحقق القمي (قده) في المقام حيث انه أجاب عن هذا الدليل بأنه مطلقاً ممنوع ، لأن في ترك الواجب أيضاً مفسدة ، فاذن لا يدور الأمر بين دفع المفسدة وجلب المنفعة ، بل يدور الأمر بين دفع هذه المفسدة وتلك.
ووجه الغرابة واضح ، ضرورة انه لا مفسدة في ترك الواجب كما انه لا مصلحة في ترك الحرام ، فالمصلحة في فعل الواجب من دون ان تكون في تركه مفسدة ، كما ان المفسدة في فعل الحرام من دون ان تكون في تركه مصلحة وإلا لكان اللازم ان ينحل كل حكم إلى حكمين أحدهما متعلق بالفعل والآخر