نعم لو قامت أمارة معتبرة كخبر الثقة أو نحوه على ارتفاعها لكانت مثبتة للإطلاق لا محالة ، لما ذكرناه في موضعه من ان مثبتات الأمارات الحاكية عن الواقع كأخبار الثقة أو ما شاكلها حجة ، إلا ان وجود مثل هذه الأمارة في محل الكلام مفروض العدم.
واما النقطة الثالثة فالمقام وان لم يدخل في كبرى مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين من نقطة النّظر في كون الشك في حرمة المجمع وعدم حرمته كما عرفت ، إلا انه داخل في كبرى تلك المسألة من نقطة نظر آخر وهي ان أصل وجوب الصلاة ـ مثلا ـ على الفرض معلوم لنا والشك إنما هو في تقييدها بغير هذا المكان وعليه فلا محالة يدور الأمر بين ان يكون الواجب هو المطلق أو المقيد ، فاذن بناء على ما حققناه هناك من جريان البراءة عن التقييد الزائد تجري البراءة في المقام أيضاً ، فان التقييد بما انه كلفة زائدة دون الإطلاق فهو مدفوع بحديث الرفع أو نحوه ، وبذلك يثبت الإطلاق الظاهري للمأمور به ، إذ المفروض ان وجوب بقية اجزائه وشرائطه معلوم لنا والشك انما هو في تقييده بأمر زائد فإذا رفعنا هذا التقييد بأصالة البراءة يثبت الإطلاق الظاهري بضم الأصل إلى أدلة الأجزاء والشرائط المعلومتين وهو كاف للحكم بالصحّة ظاهراً ، لفرض انطباق المأمور به عندئذ على الفرد المأتي به في الخارج ولا نعني بالصحّة الا ذلك. وعليه فنحكم بصحة الصلاة في مورد الاجتماع ظاهرا لانطباق الطبيعة المأمور بها عليها في الظاهر بعد رفع تقييدها بغير هذا المكان بأصالة البراءة ، لفرض انها بعد رفع ذلك التقييد صارت مصداقاً لها في حكم الشارع ، وهذا المقدار كاف للحكم بالصحّة ، وتمام الكلام في محله.
واما النقطة الرابعة (وهي ان المؤثر في المبغوضية لو كان هو المفسدة الواقعية الغالبة فلا مجال للبراءة) فيردها عدم العلم بوجود مفسدة في هذا الحال