أمر المولى به من طريق أخير غير الأمر من المأمور الأول ، وعلى الوجه الثالث يجب عليه الإتيان به إذا أمر به المأمور الأول لا مطلقاً. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان الظاهر من الأمر بالأمر بشيء هو القسم الثاني دون القسم الأول والثالث ضرورة انه المتفاهم من ذلك عرفاً ، فلو أمر المولى أحداً بان يأمر زيداً ـ مثلا ـ بفعل كذا الظاهر منه هو هذا القسم دون غيره. ومن هنا يظهر ان ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قده) من انه لا دلالة بمجرد الأمر بالأمر بشيء على كونه أمراً به ، بل لا بد للدلالة عليه من قرينة لا يمكن المساعدة عليه بوجه ، لما عرفت من أنه دال على ذلك بمقتضى الفهم العرفي ، ولا حاجة في الدلالة عليه من نصب قرينة.
ثم ان الثمرة المترتبة على هذا النزاع هي شرعية عبادة الصبي بمجرد ما ورد في الروايات من قوله عليهالسلام : «مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين» ونحوه مما ورد في أمر الولي للصبي ، فانه بناء على ما ذكرناه من ان الأمر بالأمر بشيء ظاهر عرفاً في كونه أمراً بذلك الشيء تدل تلك الروايات على شرعية عبادة الصبي ، لفرض عدم قصور فيها لا من حيث الدلالة كما عرفت ، ولا من حيث السند لفرض ان فيها روايات معتبرة.
قد يقال كما قيل انه يمكن إثبات شرعية عبادة الصبي بعموم أدلة التشريع كقوله تعالى : «أقيموا الصلاة» وقوله تعالى : «كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم» وما شاكلهما ببيان ان تلك الأدلة بإطلاقها تعم البالغ وغيره ، فانها كما تدل على تشريع هذه الأحكام للبالغين ، كذلك تدل على على تشريعها لغيرهم ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية ، وحديث رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم لا يقتضي أزيد من رفع الإلزام ، لفرض ان هذا الحديث ورد في مورد الامتنان ، ومن المعلوم ان المنة إنما هي في رفع الحكم الإلزامي ، واما رفع