الأمر بشيء بعد الأمر به ظاهر
في التأكيد أو التأسيس
لا إشكال في ان الأمر بشيء في نفسه ظاهر في التأسيس وإنما الإشكال فيما إذا كان مسبوقاً بأمر آخر فهل هو عندئذ ظاهر في التأسيس أو التأكيد إذا كانا مطلقين بان لم يذكر سببهما أو ذكر سبب واحد أم لا وجوه : الظاهر هو الوجه الثاني ، ضرورة ان المتفاهم عرفاً من مثل قول المولى صل ، ثم قال «صل» هو التأكيد بمعنى ان الأمر الثاني تأكيد للأمر الأول ، وهذا واضح. نعم لو قيد الأمر الثاني بالمرة الأخرى ونحوها لكان دالا على التأسيس لا محالة ، فيكون المراد وقتئذ من الأمر الأول صرف وجود الطبيعة ومن الثاني الوجود الثاني منها ولكن هذا الفرض خارج عن محل الكلام ، فان محل الكلام فيما إذا كان الأمر الثاني متعلقاً بعين ما تعلق به الأمر الأول من دون تقييده بالمرة الأخرى أو نحوها والا فلا إشكال في دلالته على التأسيس ، واما إذا لم يكونا مطلقين بان ذكر سببهما كقولنا : «ان ظاهرت فأعتق رقبة» و «ان أفطرت فأعتق رقبة» أو قولنا «ان نمت فتوضأ» و «ان بلت فتوضأ» وهكذا ، فهل الأمر الثاني ظاهر في التأكيد أو التأسيس فيه كلام سيأتي بيانه في بحث المفاهيم إن شاء الله تعالى بصورة مفصلة وخارج عن محل كلامنا هنا.
وعلى الجملة فمحل الكلام في المقام فيما إذا كان الأمر ان مطلقين ولم يذكر سببهما أو ذكر سبب واحد ففي مثل ذلك قد عرفت ان الظاهر من الأمر الثاني هو التأكيد دون التأسيس ، فانه قضية إطلاق المادة وعدم تقييدها بشيء.