المقصد الثاني
(مبحث النواهي)
وفيه جهات من البحث :
الأولى ـ ان المشهور بين الأصحاب قديماً وحديثاً ان النهي بمادته وصيغته ، كالأمر بمادته وصيغته في الدلالة على الطلب ، غير ان متعلق النهي ترك الفعل ونفس ان لا تفعل ، ومتعلق الأمر إيجاد الفعل.
وبكلمة واضحة ان المعروف بينهم هو ان النهي يشترك مع الأمر في المعنى الموضوع له ، وهو الدلالة على الطلب. ومن هنا انهم يعتبرون في دلالة النهي عليه ما اعتبروه في دلالة الأمر ، من كونه صادراً عن العالي ، فلو صدر عن السافل أو المساوي فلا يكون نهياً حقيقة ، وغير ذلك مما قدمناه في بحث الأوامر بشكل واضح وبصورة مفصلة ، فلا فرق بينهما من هذه النواحي أصلا.
نعم فرق بينهما في نقطة أخرى وهي ان متعلق الطلب في طرف النهي الترك وفي طرف الأمر الفعل.
وقد أشكل عليه بان الترك امر أزلي خارج عن القدرة والاختيار وسابق عليها. ومن الواضح جداً انه لا تأثير للقدرة في الأمر السابق ، ضرورة ان القدرة انما تتعلق بالأمر الحالي ، ولا يعقل تعلقها بالأمر السابق المنصرم زمانه فضلا عن الأمر الأزلي. وعليه فلا يمكن ان يتعلق النهي به ، ضرورة استحالة تعلقه بما هو خارج عن الاختيار والقدرة