دليل الانفعال في مورد الالتقاء والاجتماع بنكتة اننا إذا قدمنا الصدر فلا يلزم منه إلغاء عنوان الماء القليل عن الموضوعية للانفعال رأساً ، بل يلزم منه تضييق دائرة دليل الانفعال وتقييده بغير ماء البئر ، وهذا لا مانع منه.
واما إذا عكسنا الأمر وقدمنا إطلاق دليل انفعال الماء القليل على صدر الصحيحة فهو يستلزم إلغاء عنوان البئر عن الموضوعية للاعتصام رأساً حيث لا يكون عندئذ فرق بين ماء البئر وغيره من المياه أصلا ، فان اعتصام الجميع انما هو بالكثرة وببلوغه حد الكر ، فإذاً يصبح أخذ عنوان ماء البئر في الصحيحة لغواً محضاً ، وحيث انه لا يمكن بمقتضى الارتكاز العرفي لاستلزامه حمل كلام الحكيم على اللغو فلا محالة يكون قرينة على تقديم الصحيحة على دليل الانفعال.
وثانيهما ما دل على طهارة بول الطير وخرئه مطلقاً ولو كان غير مأكول اللحم كقوله عليهالسلام في معبرة أبي بصير (كل شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه) معارض بما دل على نجاسة بول غير المأكول مطلقاً ولو كان طيراً ، ومورد التعارض والالتقاء بينهما هو البول من الطير غير المأكول ففي مثل ذلك لا بد من تقديم دليل طهارة بول الطير وخرئه على دليل نجاسة بول ما لا يؤكل لحمه حيث ان العكس يؤدي إلى إلغاء عنوان الطير المأخوذ في موضوع دليل الطهارة ، نظراً إلى أن الحكم بتقيده حينئذ بما إذا كان الطير محلل الأكل.
ومن الواضح ان مرد ذلك إلى إلغاء عنوان الطير رأساً وجعل الموضوع للطهارة عنواناً آخر ـ وهو عنوان ما يؤكل لحمه ـ وهو قد تكون طيراً وقد يكون غيره ، وهذا بخلاف ما لو قيد دليل نجاسة بول غير المأكول بما إذا لم يكن طيراً ، إذ غاية ما يلزم هو رفع اليد عن إطلاق موضوعيته النجاسة.