ولكن من المعلوم ان هذا القبيح قابل للرفع ، ضرورة ان المصلحة الأقوى إذا اقتضت إلقاء المكلف في المفسدة أو تفويت المصلحة عنه أو إلقائه في الكلفة والمشقة فلا قبح فيه أصلا.
فإذاً لا يكون قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة كقبح الظلم ليستحيل انفكاكه عنه ، بل هو كقبح الكذب يعني أنه في نفسه قبيح مع قطع النّظر عن طرو أي عنوان حسن عليه.
فإذا افترضنا أن المصلحة تقتضي تأخير البيان عن وقت الحاجة وكانت أقوى من مفسدة تأخيره أو كان في تقديم البيان مفسدة أقوى منها فبطبيعة الحال لا يكون تأخيره عندئذ قبيحاً ، بل هو حسن ولازم كما هو الحال في الكذب ، فان قبحه انما هو في نفسه وذاته مع قطع النّظر عن عروض أي عنوان حسن عليه.
فإذا فرضنا ان إلجاء مؤمن في مورد يتوقف عليه لم يكن قبيحاً ، بل هو حسن يلزم العقل به ، وكذا حسن الصدق فانه ذاتي بمعنى الاقتضاء وانه صفة المؤمن كما في الكتاب العزيز ، ومع ذلك قد يعرض عليه عنوان ذو مفسدة موجب لاتصافه بالقبح كما إذا كان الصدق موجباً لقتل مؤمن أو ما شاكل ذلك ، فان مثله لا محالة يكون قبيحاً عقلا ومحرماً شرعاً ، فما لا ينفك عنه القبح ـ هو الظلم ـ حيث انه علة تامة له فيستحيل تحقق عنوان الظلم في مورد بدون اتصافه بالقبح ، كما ان حسن العدل ذاتي بهذا المعنى أي بمعنى العلة التامة فيستحيل انفكاكه عنه.
فالنتيجة أن قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة بما انه ذاتي بمعنى الاقتضاء دون العلة التامة فلا مانع من تأخيره عن وقت الحاجة إذا اقتضته المصلحة الملزمة التي تكون أقوى من مفسدة التأخير أو كان في تقديم البيان مفسدة أقوى من مفسدة تأخيره ولا يكون عندئذ قبيحاً.