وبكلمة أخرى ان حال تأخير البيان عن وقت الحاجة في محل الكلام كحال تأخيره في أصل الشريعة المقدسة حيث ان بيان الأحكام فيها كان على نحو التدريج واحداً بعد واحد لمصلحة التسهيل على الناس ، نظراً إلى أن بيانها دفعة واحدة عرفية يوجب المشقة عليهم وهي طبعاً توجب النفرة والاعراض عن الدين وعدم الرغبة إليه.
ومن الطبيعي ان هذا مفسدة تقتضي أن يكون بيانها على نحو التدريج ليرغب الناس إليه رغم ان متعلقاتها مشتملة على المصالح والمفاسد من الأول فتأخير البيان وتدريجيته انما هو لمصلحة تستدعي ذلك ـ وهي التسهيل على الناس ورغبتهم إلى الدين ـ ومن الواضح ان هذه المصلحة أقوى من مصلحة الواقع التي تفوت عن المكلف.
ومن هنا قد ورد في بعض الروايات ان أحكاماً بقيت عند صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف وهو عليهالسلام بعد ظهوره ببين تلك الأحكام للناس ، ومن المعلوم ان هذا التأخير انما هو لمصلحة فيه أو لمفسدة في البيان وما نحن فيه كذلك حيث أنه لا مانع من تأخير البيان عن وقت الحاجة عند اقتضاء المصلحة ذلك أو كان في تقديم البيان مفسدة ملزمة ولا يفرق في ذلك بين تأخيره عن وقت الحاجة في زمان قليل كساعة مثلا أو أزيد فانه إذا جاز تأخيره لمصلحة ساعة واحدة جاز كذلك سنين متطاولة ضرورة ان قبحه لو كان كقبح الظلم لم يجز تأخيره أبداً حتى في آن واحد لاستحالة صدور القبيح من المولى الحكيم.
فالنتيجة في نهاية الشوط هي انه لا مانع من تأخير البيان عن وقت الحاجة إذا كانت فيه مصلحة مقتضية لذلك أو كانت في تقديمه مفسدة مانعة عنه.
وعلى ضوء هذه النتيجة يتعين كون الخاصّ المتأخر الوارد بعد حضور