فاسدا بحسب حالة أخرى ، كما لا يخفى. فتأمل جيدا (١).
«خامسها :» (٢) : أن يكون حالها (٣) حال أسامي المقادير والأوزان مثل المثقال ، والحقة ، والوزنة إلى غير ذلك ، مما لا شبهة في كونها حقيقة في الزائد والناقص في الجملة ، فإن الواضع وإن لاحظ مقدارا خاصا إلّا إنه لم يضع له بخصوصه ، بل للأعم منه ومن الزائد والناقص ، أو أنه وإن خص به أولا ، إلّا إنه بالاستعمال كثيرا فيهما بعناية أنهما منه قد صار حقيقة في الأعم ثانيا.
______________________________________________________
حالة فاسدا بحسب حالة أخرى».
(١) لعله إشارة إلى لزوم الاشتراك اللفظي على فرض صحة الجامع المذكور ، لأن استعمال ألفاظ العبادات في فاقد بعض الأجزاء والشرائط على وجه الحقيقة موجب للاشتراك ؛ إذ المفروض : وضعها للصحيح فقط ابتداء ، وعدم مهجورية المعنى الحقيقي الأوّلي بعد صيرورتها حقيقة في الأعم ، ثم لازم الاشتراك مع عدم القرينة المعينة هو الإجمال المنافي لإطلاق الخطاب ، وهو خلاف مقصود الأعمي من التمسك بالإطلاق ؛ لرفع الشك في الجزئية أو الشرطية على ما سيأتي في بيان ثمرة النزاع.
(٢) أي : خامس الوجوه.
(٣) أي : حال ألفاظ العبادات حال أسامي المقادير والأوزان ؛ حيث إنها حقيقة في الزائد والناقص في الجملة أي : إما بوضع الواضع ، أو بكثرة الاستعمال في الأعم ، فيقال : إن الأمر في ألفاظ العبادات كذلك أي : أن الموضوع له فيها كالموضوع له في أسامي المقادير والأوزان ، فكما أن الموضوع له فيها هو الجامع بين الزائد والناقص ـ حيث إن الواضع وإن لاحظ حين الوضع مقدارا خاصا لتحديد الكيلو مثلا لكن لم يضع لفظ الكيلو بإزاء خصوص المقدار ، بل وضعه للجامع بينه وبين الزائد والناقص في الجملة ، وهكذا المثقال والوزنة والرطل وغيرها من أسامي الأوزان ـ فكذلك الموضوع له في ألفاظ العبادات ؛ حيث إن الشارع وإن لاحظ فيها جميع الأجزاء والشرائط إلّا إنه لم يضع لفظ الصلاة مثلا بإزائها بالخصوص ، بل وضعها بإزاء الجامع بينها وبين الناقص في الجملة ، فيكون اللفظ حقيقة في التام والزائد والناقص في الجملة ؛ فلا يكون إطلاق اللفظ على الزائد والناقص مجازا.
ومن هنا ظهر الفرق بين هذا الوجه وسابقه وهو : أن المدعى في الوجه السابق هو وضع اللفظ للصحيح التام ابتداء ، ثم استعماله في الناقص إنّما هو من باب تنزيله منزلة الواجد ؛ بخلاف هذا الوجه الخامس حيث إن المدعى فيه هو وضع اللفظ من الأول للأعم من الزائد والناقص كما عرفت.