ومنها : (١) أن ثمرة (٢) النزاع إجمال الخطاب على القول الصحيحي ، وعدم جواز الرجوع إلى إطلاقه في رفع ما إذا شك في جزئية شيء للمأمور أو شرطيته أصلا ؛ لاحتمال دخوله في المسمى ، كما لا يخفى.
وجواز الرجوع إليه في ذلك على القول الأعمي في غير ما (٣) احتمل دخوله فيه ؛ مما شك في جزئيته أو شرطيته.
______________________________________________________
(١) الخامس من الأمور التي ينبغي ذكرها قبل الخوض في أدلة القولين : هو بيان ثمرة النزاع عند الشك في جزئية شيء ، أو شرطيته للمأمور به.
(٢) ثمرة النزاع هي : جواز التمسك بالإطلاق أو العموم على القول الأعمي عند الشك في اعتبار شيء جزءا أو شرطا ، وعدم جوازه على القول بالصحيح ، بل لا بد فيه من الرجوع إلى الأصل العملي من البراءة أو الاحتياط على الخلاف في مسألة دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
وتوضيح ثمرة النزاع بين القولين يتوقف على مقدمة وهي : بيان ما يعتبر في الرجوع إلى الإطلاق والتمسك به فنقول : إنه يعتبر في ذلك إحراز صدق ما تعلّق به الخطاب وكان الشك في أمر زائد على المسمى ؛ وذلك بأن يكون الحكم في القضية واردا على المقسم بين قسمين أو أقسام ، وكان الحكم منطبقا عليهما أو عليها جميعا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه يمكن إحراز صدق ما تعلق به الخطاب على القول بالأعم ولو بمقدمات الحكمة وهي ثلاثة :
الأولى : ورود الحكم على المقسم الذي له قابلية الانطباق على نوعين أو أنواع.
الثانية : كون المتكلم في مقام البيان.
الثالثة : عدم نصب قرينة على التعيين. فإذا تمت المقدمات يصير الكلام مطلقا ، فيصح التمسك به لنفي اعتبار ما شك في اعتباره في المأمور به. هذا إنّما يتم على القول بالأعم. وأما على القول بالصحيح فلا يمكن إحراز صدق ما تعلق به الخطاب ، مثلا : الخطاب في قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) تعلق بما هو مسمى بلفظ الصلاة ، فعلى القول بوضع لفظ الصلاة للصحيح يكون كل ما اعتبر فيها دخيلا في المسمّى ، فإذا احتمل وجوب الاستعاذة فيها من باب الجزئية لرواية ضعيفة ؛ كان الخطاب مجملا لأجل تردد مسمى الصلاة بين الأقل والأكثر ، فالشك في جزئية الاستعاذة شكّ في صدق الصلاة على فاقدها ، فلا يجوز التمسك بالإطلاق لأجل عدم إحراز صدق ما تعلق به الخطاب على القول بالصحيح.
(٣) أي : يجوز الرجوع إلى الإطلاق في غير ما له دخل في المسمى على القول