والحاجة وإن دعت أحيانا إلى استعمالها في الناقص أيضا إلّا إنه لا يقتضي أن يكون بنحو الحقيقة ، بل ولو كان مسامحة ، تنزيلا للفاقد منزلة الواجد. والظاهر : أن الشارع غير متخط عن هذه الطريقة.
ولا يخفى : أن هذه الدعوى وإن كانت غير بعيدة ، إلّا انها قابلة للمنع ، فتأمل (١).
وقد استدل للأعمي أيضا ، بوجوه :
منها : تبادر الأعم (٢) ، وفيه (٣) : أنه قد عرفت الإشكال في تصوير الجامع الذي لا بد منه ، فكيف يصح معه (٤) دعوى التبادر؟
______________________________________________________
وملخص ردّ المصنف على هذا الوجه : أن هذه الدعوى وإن كانت غير بعيدة في حد ذاتها إلّا إنها قابلة للمنع ، لأن هذا الوجه يتوقف على إثبات ما ذكرناه من الأمور الثلاث ، وإثباتها دونه خرط القتاد.
(١) لعله إشارة إلى وجه المنع. وهو أنّ هذا الوجه مبني على أمرين :
أحدهما : كون وضع ألفاظ العبادات كأسماء المركبات الخارجية. وقد مرّ فساد قياس ألفاظ العبادات بالمركبات الخارجية ، في تصوير الجامع.
وثانيهما : العلم بعدم تخطي الشارع عن طريقة الواضعين وفيه : أنه لا سبيل إلى هذا العلم لا من النقل ولا من العقل ، فدعوى : عدم تخطي الشارع عن طريقة الواضعين ـ بعد تسليم بنائهم على وضع ألفاظ المركبات للمركبات التامة ـ ليست إلّا تخرصا بالغيب.
أدلة الأعمي :
الدليل الأول هو : التبادر
(٢) أي : تبادر الأعم من ألفاظ العبادات عند اطلاقها ، لأنه إذا قيل : «زيد صلّى» كان المتبادر منه الجامع بين الصحيح والفاسد ، وهو من علامات الوضع والحقيقة.
(٣) مخلص ما في التبادر من الإشكال :
أولا : تبادر الأعم ينافي ما تقدم من دعوى تبادر الصحيح.
وثانيا : أن تبادر الأعم لا يعقل إلّا بعد وجود الجامع. وقد عرفت الإشكال في تصويره ، بل يمكن أن يقال : بامتناع تبادر الأعم بعد ما تقدم من امتناع تصوير الجامع على القول بالأعم.
(٤) أي : لا يصح ـ مع ما عرفت من الإشكال في تصوير الجامع ـ «دعوى التبادر» أي : تبادر الجامع بين الصحيح والفاسد. فالاستفهام إنما للإنكار.