فيه ، وحصول الحنث بفعلها ، ولو كانت الصلاة المنذور تركها خصوص الصحيحة ، لا يكاد يحصل به الحنث أصلا ، لفساد الصلاة المأتي بها لحرمتها ، كما لا يخفى ، بل يلزم المحال.
فإن النذر (١) حسب الفرض قد تعلق بالصحيح منها ، ولا يكاد يكون معه (٢) صحيحة ، وما يلزم من فرض وجوده عدمه محال.
قلت : لا يخفى : أنه لو صح ذلك (٣) ، لا يقتضي إلّا عدم صحة تعلق النذر
______________________________________________________
الأول : انعقاد النذر وشبهه ـ العهد واليمين ـ إذا تعلق بترك الصلاة في مكان تكره فيه ، كالصلاة في الحمام والمقابر وغيرهما.
الثاني : حصول الحنث بفعل الصلاة في ذلك المكان الذي تعلق النذر بترك الصلاة فيه كالحمام مثلا.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنّنا نستكشف من التسالم عليهما كون لفظ الصلاة موضوعا للأعم لا للصحيح ، إذ لو كان موضوعا للصحيح لكان المنذور تركه هو الصلاة الصحيحة ، وهو باطل لأمرين :
الأول : عدم حصول الحنث أصلا بفعلها في ذلك المكان ؛ وذلك لفساد الصلاة المأتي بها لتعلق الحرمة بها بعد النذر ، فلا يكون المأتى به هو المنذور تركه ، فلا يحصل الحنث.
الثاني : يلزم المحال ، لأن الصلاة المنذور تركها هي الصحيحة ، وبالنذر صارت فاسدة لدلالة النهي في العبادة على الفساد والحرمة ، فلا يمكن فعلها على وجه صحيح فينحل النذر لخروج الصلاة بسبب هذا النهي المفسد للعبادة عن متعلق النذر ـ وهو خصوص الصحيح ـ فيلزم من وجود النذر عدمه ، واستلزام وجود الشيء لعدمه محال.
(١) قوله : «فإن النذر» ... إلخ بيان للمحال وقد عرفته ، فلا حاجة إلى التكرار والإعادة.
(٢) أي : لا تكون الصلاة مع تعلق النذر بها صحيحة كما عرفته مفصلا.
(٣) قد أجاب المصنف عن الاستدلال المذكور بجوابين :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «أنه لو صح ذلك» أي : لو صح ذلك الاستدلال ، لكان لازم ذلك : عدم تعلق النذر بالصحيح لاستلزامه ما ذكرناه من الإشكالين ؛ ولكن ليس مقتضاه وضع اللفظ شرعا للأعم كما هو المدعى.
وملخصه : أن مقتضى لزوم المحذورين عدم تعلق النذر بالصحيح لا عدم الوضع لها.
والجواب الثاني : ما أشار إليه : «مع إن الفساد من قبل النذر لا ينافي صحة متعلقه».