فلذا (١) قد يتداخل بعض العلوم في بعض المسائل ؛ مما كان (٢) له دخل في مهمين (٣) ، لأجل كلّ منهما دوّن علم على حدة ، فيصير من مسائل العلمين.
______________________________________________________
مقدمة لما يقول به : من أنّ تمايز العلوم بالأغراض الداعية إلى التدوين ؛ لا بالموضوعات. فيكون ردّا على القول بأنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ، كما أنّ قوله في المسائل بأنّها عبارة عن جملة من قضايا يكون ردّا على القول : بأنّها محمولات منتسبة إلى الموضوعات ، لأنّ القول المذكور مستلزم لأن تكون أجزاء العلم أربعة ، مع إنّها ثلاثة ، وذلك لأنّه لا بدّ أن تعدّ الموضوعات من المحمولات المنتسبة إليها جزءا على حدة ، فيلزم أن تكون أجزاء العلوم أربعة : ١ ـ الموضوعات. ٢ ـ المبادئ. ٣ ـ المسائل. ٤ ـ موضوعات المسائل. ولم يقل به أحد. فالحق ما ذكره المصنف من أنّ المسائل هي القضايا ، كي لا يلزم ما لم يقل به أحد.
نعم ؛ هناك قول : بأنّ المسائل هي النسب التامة ، إلّا إنّه يرجع إلى قول المصنف «قدسسره».
(١) تفريع على قوله : «جمعها اشتراكها ...» إلخ. أي : فلأجل ما ذكرنا من أنّ القضايا جمعها اشتراكها في الدخل في الغرض «قد يتداخل بعض العلوم في بعض المسائل».
(٢) أي : مما كان هذا البعض له دخل في غرضين مهمين دوّن لأجل كلّ منهما علم على حدة ، وإذا كان كذلك يصبح ذلك البعض من مسائل العلمين.
وجه التفريع : أنّه لو كان تمايز العلوم بالموضوعات لما صحّ اشتراك العلمين أو العلوم في بعض المسائل من حيث الموضوع والتالي باطل ، فالمقدم مثله ، والاستدلال بالقياس الاستثنائي يتوقف على ثبوت أمرين : ١ ـ الملازمة. ٢ ـ بطلان التالي.
وأمّا بطلان التالي : فلا يحتاج إلى البيان ، لأنّ الاشتراك متحقق بين بعض مسائل علم الأصول ، ومسائل علم آخر كمسألة التجري مثلا ؛ حيث يتداخل فيها علم الأصول والفقه والكلام كما بين في محلّه.
وأمّا الملازمة فهي ثابتة ، إذ على تقدير الاشتراك لا بد أن يعد علما واحدا لا علمين أو أكثر حيث لا اثنينية ، هذا بخلاف ما إذا كان تمايز العلوم بالأغراض ، فإنّ الاثنينية حينئذ محفوظة ، والامتياز ثابت ، فيصح التداخل لو كان التمايز بالأغراض ، ولا يصح لو كان بالموضوعات.
(٣) أي : في غرضين مهمين مثاله : «دلالة الأمر» على الوجوب أو الندب فهي من مسائل اللغة والأصول. أمّا من مسائل اللغة : فالغرض من الأمر هو : العلم بوضع لسان العرب ، وأمّا من مسائل الأصول فالغرض منه : الوقوع في طريق الاستنباط ، فيصير هذا