أكثر للفظ واحد ؛ وإن أحاله (١) بعض ، لإخلاله (٢) بالتفهم المقصود من الوضع ؛
______________________________________________________
الثاني : الاشتراك اللفظي وهو : مقابل الترادف ؛ بمعنى : أن الترادف ما يكون لفظين لمعنى واحد ؛ كالأسد والليث للحيوان المفترس. والاشتراك ما يكون معنيين للفظ واحد بأن يكون اللفظ موضوعا لكل معنى بوضع مستقلّ ؛ مثل : لفظ جون للأبيض والأسود مثلا.
ومن هنا ظهر الفرق بين المشترك المعنوي واللفظي ، حيث يكون الوضع في الثاني متعددا دون الأول.
الثاني : أن الامكان على قسمين :
الأول : الإمكان الذاتي. والثاني : الإمكان الوقوعي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن محل الكلام هو القسم الثاني من القسمين أي : الاشتراك اللفظي والامكان الوقوعي.
إذا عرفت محل الكلام فنقول : إنهم قد اختلفوا في المشترك اللفظي على أقوال :
فذهب بعض إلى استحالته وقوعا مطلقا ، وبعض آخر : إلى استحالته في القرآن الكريم دون غيره. وثالث : إلى وجوبه ، ورابع : إلى إمكانه وقوعا. وهذا الأخير هو مختار المصنف «قدسسره».
ثم معنى الإمكان الوقوعي هو : ما لا يلزم من وقوعه محال ، فوقوعه أقوى دليل عليه ، ولهذا قال المصنف «قدسسره» : «الحق وقوع الاشتراك» وقد استدل عليه بوجوه :
الأول : النقل بمعنى : أنه قد نقل في اللغة الاشتراك في ألفاظ كثيرة كالعين للباكية والنابعة ، والمولى للعبد والسيد ، وجون للأبيض والأسود ، والقرء للطهر والحيض ، وغيرها من الألفاظ المشتركة بين المعنيين أو المعاني ، وهذا النقل مما يوجب الاطمئنان ، بل القطع على وقوع الاشتراك.
الثاني : التبادر بمعنى : أنه يتبادر كلّ من الطهر والحيض مثلا من القرء إذا استعمل بدون قرينة معيّنة لأحدهما.
الثالث : عدم صحة السلب أي : عدم صحة سلب لفظ القرء عن الطهر والحيض.
(١) أي : وإن قال باستحالة الاشتراك بعض. هذا هو القول الأول حسب ما ذكرناه من الترتيب.
(٢) هذا تعليل ودليل على الاستحالة.
وتوضيحه يتوقف على مقدمة وهي : أن الوضع تابع للحكمة ، وهي : التفهيم وإبراز ما في الضمير من جانب المتكلم ، والتفهّم من جانب السامع ، فعند انتفاء تلك الحكمة يكون الوضع لغوا ، فصدوره مستحيل عادة عن العاقل.