فيها ، وهو (١) فاسد ؛ لوضوح : امتناع الاشتراك في هذه المعاني ، لاستدعائه الأوضاع الغير المتناهية ، ولو سلّم لم يكد يجدي إلّا في مقدار متناه ، مضافا إلى تناهي المعاني الكلية وجزئياتها وإن كانت غير متناهية ؛ إلّا إن وضع الألفاظ بإزاء كلياتها يغني عن وضع لفظ بإزائها كما لا يخفى ؛ مع إن المجاز باب واسع ، فافهم (٢).
______________________________________________________
أحدهما : تناهي الألفاظ لأنها مركبة من الحروف الهجائية المتناهية ، ومن البديهي : أن المركب من المتناهي متناه.
وثانيهما : أن المعاني غير متناهية ، ومن المعلوم : عدم وفاء المتناهي بغير المتناهي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا بد من الالتزام بالاشتراك لتكون الألفاظ وافية بالمعاني ؛ إذ لولاه لما كانت الألفاظ وافية بالمعاني.
(١) أي : توهم وجوب الاشتراك في اللغات فاسد بوجوه : منها : ما أشار إليه بقوله «لاستدعائه الأوضاع الغير المتناهية» وحاصله : إن الوضع بإزاء المعاني الغير المتناهية غير معقول لأنه يستلزم أوضاعا غير متناهية وصدورها من واضع متناه محال.
ومنها : ما أشار إليه بقوله : «ولو سلم لم يكد يجدي إلّا في مقدار متناه».
وحاصله : أنه لو سلّم إمكان الاشتراك حينئذ ؛ كما إذا كان الواضع هو الله تعالى إلّا إنه لا يجدي ، لأن الوضع مقدمة للاستعمال ، وهو إنما هو بمقدار الحاجة وهو متناه لصدوره عن البشر ، وهو غير قادر إلّا على استعمال متناه ، فلا بد حينئذ من أن تكون المعاني التي تستعمل فيها الألفاظ بحسب الأوضاع متناهية ؛ إذ وضع الألفاظ بإزاء المعاني غير المتناهية يصبح لغوا محضا ، لأنه زائد على مقدار الحاجة إلى الاستعمالات المتناهية.
ومنها : ما أشار إليه بقوله : «مضافا إلى تناهي المعاني الكلية» وحاصله : أن المعاني الجزئية وإن لم تكن متناهية إلّا إن المعاني الكلية متناهية كالألفاظ ، فلا مانع من وضع الألفاظ بإزاء كليات المعاني ، وهو يغني عن وضعها بإزاء الجزئيات.
ومنها : ما أشار إليه بقوله : «مع إن المجاز باب واسع» وملخصه : أن المحذور المزبور إنما يلزم لو كان اللفظ موضوعا بإزاء جميع المعاني ، ويكون استعماله في الجميع على نحو الحقيقة ، وأما إذا كان موضوعا بإزاء بعض منها وكان استعماله في الباقي مجازا فلا يلزم المحذور ؛ إذ لا مانع من أن يكون لمعنى واحد حقيقي معان متعددة مجازية ، فإن باب المجاز واسع.
(٢) لعله إشارة إلى عدم العلاقة أو المناسبة المصححة للاستعمال المجازي في جميع المعاني ، فلا يغني المجاز عن الاشتراك. أو إشارة إلى أنّ مواد الألفاظ وإن كانت متناهية