الثاني عشر (١)
أنه قد اختلفوا في جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى على سبيل الانفراد والاستقلال ، بأن يراد منه كل واحد ، كما إذا لم يستعمل إلّا فيه على أقوال :
أظهرها (٢) : عدم جواز الاستعمال في الأكثر عقلا. بيانه : إن حقيقة الاستعمال ليس (٣) مجرد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى ، بل جعله وجها وعنوانا له ، بل بوجه نفسه كأنّه الملقى.
______________________________________________________
استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد
(١) قبل الخوض في البحث ينبغي بيان ما هو محل الكلام ، وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن ما يستعمل فيه لفظ واحد من المعنيين أو المعاني تارة : مما يمكن الجمع بينهما ؛ كأن يقال : رأيت عينا وأراد منه البصر والذهب ، وأخرى : مما لا يمكن الجمع بينهما كأن يقال : هذه المرأة ذات قرء ويراد بالقرء : الحيض والطهر.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن محل الكلام ما إذا كان الجمع بين المعنيين ممكنا ؛ سواء كان كلا المعنيين من المعاني الحقيقية كالاشتراك اللفظي ، أو أحدهما من المعاني الحقيقية والآخر من المعاني المجازية ، وكان الاستعمال في كل منهما على نحو الانفراد ؛ بحيث يكون كل من المعنيين مرادا على انفراده واستقلاله بأن يكون الاستعمال الواحد في حكم الاستعمالين.
ومن هنا ظهر : أن استعمال اللفظ الواحد في مجموع المعنيين بما هو كذلك خارج عن محل البحث ، لأنه في حكم الاستعمال الواحد في المعنى الواحد.
وكيف كان ؛ فقد اختلفوا على أقوال وعمدتها :
١ ـ القول : بالجواز مطلقا. ٢ ـ عدم الجواز لغة. ٣ ـ والامتناع عقلا.
وهذا الأخير هو مختار المصنف «قدسسره» حيث قال : «أظهرها عدم جواز الاستعمال في الأكثر عقلا» ، والقول الأول اختاره صاحب المعالم ، والقول الثاني لصاحب القوانين.
(٢) أي : أظهر الأقوال عدم جواز الاستعمال في الأكثر عقلا مطلقا أي : من دون فرق بين المفرد والتثنية والجمع.
(٣) أي : ليس الاستعمال مجرد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى. هذا منه بيان لعدم جواز الاستعمال في أكثر من معنى.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : بيان حقيقة الاستعمال. وقيل : إن حقيقة