وهم ودفع :
لعلك تتوهم (١) : أن الأخبار الدالة على أن للقرآن بطونا ـ سبعة أو سبعين ـ تدل على وقوع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد ، فضلا عن جوازه ؛ ولكنك غفلت عن أنه لا دلالة لها (٢) أصلا على أن إرادتها كان من باب إرادة المعنى من اللفظ ، فلعله كان بإرادتها في أنفسها حال الاستعمال في المعنى لا من اللفظ ، كما إذا استعمل فيها ، أو كان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ ، وإن كان أفهامنا قاصرة عن إدراكها (٣).
______________________________________________________
(١) ملخص التوهم : أنه ورد في الحديث : أن للقرآن سبعة بطون أو سبعين بطنا ، فقد يتوهم منافاة ذلك لما تقدم من امتناع استعمال اللفظ في أكثر من معنى ؛ إذ ظاهره وقوع استعمال اللفظ في تلك البطون ، وليس ذلك إلّا من باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، وهو لا يجتمع مع ما تقدم من الامتناع العقلي ومحالية إرادة المعاني المتعددة من اللفظ الواحد ، لأنه يدل على وقوعه فضلا عن جوازه.
(٢) أي : لا دلالة لتلك الأخبار أصلا على أن إرادة البطون كان من باب إرادة المعنى من اللفظ ، وقد أجاب المصنف عن التوهم المذكور بما حاصله : أن في تلك الأخبار احتمالين :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «فلعله كان ...» إلخ وحاصله : أن يراد منها إرادة هذه المعاني في أنفسها حال الاستعمال في المعنى الواحد لا أنها مرادة من اللفظ.
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «أو كان المراد من البطون لوازم معناه ...» إلخ وحاصله : أن يكون المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ وإن كانت تلك اللوازم المتعددة خفية ؛ بحيث لا تصل إليها أذهاننا لقصورها. فلا يكون اللفظ مستعملا فيها حتى يقال باستعماله في أكثر من معنى واحد.
(٣) أي : إدراك لوازم المعنى ، ومع تطرق الاحتمالين المذكورين لا يتمّ الاستدلال بتلك الأخبار على استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى ؛ نظرا إلى ما هو المشهور ـ بين أهل الاستدلال ـ إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث فيما يلي :
١ ـ أن محل الكلام ما إذا كان الجمع بين معنيين ممكنا ، وكان كل منهما مرادا على انفراده ومستقلا.