واختلاف (١) أنحاء التلبسات حسب تفاوت مبادئ المشتقات ، بحسب الفعلية والشأنية والصناعة والملكة ـ حسب ما نشير إليه ـ لا يوجب تفاوتا في المهم من محل النزاع هاهنا ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
النزاع قهرا في اسم الفاعل وما بمعناه ، إلّا إن هذا الزعم في غير محله كما أشار إليه بقوله : «وهو كما ترى» ؛ إذ لا يختص النزاع باسم الفاعل وما بمعناه ، بل غير اسم الفاعل أيضا محل الخلاف ، وما ذكره من الأمثلة مردود لوجهين :
أحدهما : ان النزاع في المقام في مفاد الهيئة لا في مفاد المبدأ فنقول : إنه لم تؤخذ المبادئ فعلية في تلك الأمثلة ، بل في المثال الأول أخذ القتل بمعنى : عدم الروح لا بمعنى : إزهاقها ، كما هو مفاد المصدر ، وفي المثال الثاني : أخذ الصنع بمعنى : أثر الصنع لا التأثير الفعلي ، وفي المثال الثالث : أخذت الكتابة بمعنى : الصناعة والحرفة لا الكتابة الفعلية. فنظرا إلى هذه المعاني التلبس متحقق حال الجري ولهذا لا نزاع فيها. وثانيهما : أنه من الممكن أن يكون الإطلاق في الجميع بلحاظ حال التلبس لا بلحاظ حال الانقضاء ، ومحل الكلام هو الثاني دون الأول. هذا وإن كان مراد صاحب الفصول من الاتفاق على معنى هذه الصفات وضوح معانيها عند ابناء المحاورة فيقال : إنّ وضوح المعنى عند أبناء المحاورة لا يوجب عدم نزاع العلماء فيه.
(١) وقد اختلف أصحاب الحواشي والشروح فيما هو مراد المصنف بهذا الكلام على أقوال واحتمالات :
الأول : أن يكون هذا الكلام من المصنف جوابا عما ذكره صاحب الفصول في الأمر الثالث من الفصل الثاني ، من بحث المشتق ؛ صفحة ٦٠ حيث قال فيه : ما هذا لفظه : «إذا عرفت هذا» ـ أي : خروج مفهوم الزمان عن مدلول المشتق وضعا ـ «فالحق أن المشتق إن كان مأخوذا من المبادئ المتعدية إلى الغير كان حقيقة في الحال والماضي أعني : في القدر المشترك بينهما ؛ وإلّا كان حقيقة في الحال فقط» ـ إلى أن قال ـ «واعلم : أنه قد يطلق المشتق ويراد به المتصف بشأنية المبدأ وقوته كما يقال : هذا الدواء نافع لكذا ، أو مضر ، وشجرة كذا مثمرة ، والنار محرقة إلى غير ذلك. وقد يطلق ويراد به المتصف بملكة المبدأ ، أو باتخاذه حرفة وصناعة ؛ كالكاتب والصانع والتاجر والشاعر ونحو ذلك ، ويعتبر في المقامين حصول الشأنية والملكة والاتخاذ حرفة في الزمان الذي أطلق المشتق على الذات باعتباره». انتهى مورد الحاجة من كلام صاحب الفصول.
ومحصله : التفصيل في وضع المشتق بين المبادئ ؛ فإن كان المبدأ من المبادئ المتعدية كان المشتق حقيقة في الأعم من التلبس والانقضاء ، وإن كان من المبادئ اللازمة أو