ثم إنه لا يبعد (١) أن يراد بالمشتق في محل النزاع مطلق ما كان مفهومه ومعناه
______________________________________________________
المبالغة ، واسم الزمان واسم المكان واسم الآلة معنى ، وأخرجها عن محل الكلام والنزاع بزعم أن تلك المعاني اتفاقية ، وقال في اسم المفعول : إنه قد يطلق ويتبادر منه ما يعم الحال والماضي كقولك : «هذا مقتول زيد أو مصنوعه أو مكتوبه» وقد يختص بالحال نحو : «هذا مملوك زيد ...» إلخ.
والجواب : أن النزاع ـ كما تقدم ـ في مفاد الهيئة لا المادة ولا اتفاق في هذه الخمسة ، وأما اسم المفعول : فالمقتول بمعنى : من أزهق روحه بسبب القتل ، والمصنوع بمعنى : ما حدث فيه أثر الصنع ، والمكتوب بمعنى : ما وجدت فيه الكتابة ، فالمشتق إنما يصدق في هذه الأمثلة لأجل أعمية المبدأ مع الفعلي والشأني ، والحرفة والملكة والصناعة وغيرها ، فإن اختلاف أنحاء التلبس حسب تفاوت مبادئ المشتقات لا يوجب تفاوتا في المهم من محل النزاع كما في «الوصول إلى كفاية الأصول» ، وأقرب هذه الاحتمالات هو الاحتمال الأول فتدبر.
(١) غرضه من هذا الكلام : وإن كان بيان تعميم محل النزاع في المشتق الأصولي ؛ حيث يعم بعض الجوامد عند النحاة ، إلّا إن المستفاد منه أمور : منها : الفرق بين المشتق باصطلاح الأصوليين ، وبينه باصطلاح النحاة ؛ فإن النحاة يرون أن الزوجية والحرية والرقية من الجوامد ، والأصوليون يرونها من المشتقات ؛ فإن المشتق باصطلاح الأصوليين هو مطلق ما كان مفهومه جاريا على الذات ومحمولا عليها ، وبملاحظة اتصافها بعرض كالسواد والبياض ونحوهما من الأعراض المتأصلة التي لها حظّ من الوجود ولو في ضمن المعروض.
«أو بعرضي» أي : كالفوقية والتحتية والزوجية ونحو ذلك من الأمور الانتزاعية المحضة ؛ التي ليس لها حظّ من الوجود إلّا لمنشا انتزاعها ، بل هي أمور اعتبارية يعتبرها العقلاء أو الشارع.
ومنها : أن النسبة بين مشتقات النحويين والأصوليين هي عموم من وجه. وقد مر الكلام فيها فلا نعيد.
ومنها : الفرق بين العرض والعرضي في كلام المصنف.
وملخص الفرق : أن المراد بالأول : هو نفس المبدأ ؛ كالسواد والبياض ونحوهما من الأمور المتأصلة التي لها نصيب من الوجود.
والمراد بالثاني : هو الأمر الانتزاعي على خلاف اصطلاح المنطقيين ؛ فإن العرضي في اصطلاحهم هو : المشتق كالأسود والأبيض.