في تعريفه ؛ وهو اشتباه ضرورة : عدم دلالة الأمر ولا النهي عليه ، بل على إنشاء طلب الفعل أو الترك ، غاية الأمر : نفس الإنشاء بهما (١) في الحال ، كما هو الحال في الإخبار بالماضي أو المستقبل أو بغيرهما كما لا يخفى. بل يمكن منع دلالة غيرهما (٢)
______________________________________________________
صحيحا نظرا إلى ذكر الدلالة قبل الضمير ؛ إلّا إن الاحتمال الأول أولى ؛ نظرا إلى ما هو ظاهر كلام النحاة في تعريف الفعل.
وكيف كان ؛ فلا يدل الفعل بجميع أقسامه على الزمان ، وأما ما للإنشاء كالأمر والنهي فلا يدل على زمان الحال أصلا.
ببيان : أن الأمر لا يدل إلّا على طلب الفعل ، والنهي لا يدل إلّا على طلب تركه من دون دلالة لهما على الزمان الحال أو المستقبل ، لأن المادة تدل على الفعل ، والهيئة تدل على إنشاء الطلب ، وليس فيهما ما يوجب الدلالة على الزمان ، نعم ؛ الإنشاء يكون في الحال لكنه أجنبيّ عن الدلالة على الحال ، إذ هو من باب أنه فعل صادر عن زماني فيقع قهرا في الزمان.
(١) أي : أن الأمر والنهي لا يدلان إلّا على إنشاء الطلب ، غاية الأمر : نفس الإنشاء بهما في الحال «كما هو الحال في الإخبار بالماضي» يعني كما أن إخبار المخبر بفعل الماضي أو المستقبل أو بغيرهما ـ كالجملة الاسمية ـ يقع في زمان النطق الذي هو الحال ، لكونه كلاما ؛ من غير فرق بين أن يكون الإخبار بالماضي كقولنا : ضرب زيد ، أو المستقبل كقولنا : يضرب زيد ، أو بالجملة الاسمية كقولنا : زيد ضارب ، فيكون الإخبار بجميع ما ذكرناه بالحال ، كما كان الإنشاء بفعل الأمر والنهي في الحال ، وأن زمان الحال كما لا يكون مدلولا لفعل الأمر والنهي كذلك لا يكون مدلولا لفعل الماضي والمضارع.
(٢) أي : غير الأمر والنهي «من الأفعال» ؛ كالماضي ، والمضارع «على زمان» أي : لا تدل صيغة الماضي على الزمان الماضي ، ولا صيغة المضارع على الحال أو الاستقبال ؛ «إلّا بالاطلاق ، والإسناد إلى الزمانيات».
وحاصل الكلام في المقام : أن دلالة فعل الماضي والمضارع على الزمان بالدلالة التضمنية ؛ بأن يكون الزمان جزءا لمدلولهما ممنوعة ؛ لما عرفت : من عدم دلالة شيء من الأفعال على الزمان.
نعم ؛ إذا أسندت إلى الزمانيات فتدل على الزمان لكن هذه الدلالة مستندة إلى الاطلاق والإسناد لا إلى الوضع الذي يقول به النحاة.
والحاصل : أن الدلالة على الزمان مشروطة بشرطين أحدهما : إطلاق الكلام.