يكون مشتركا معنويا بين الحال والاستقبال ، ولا معنى له إلّا أن يكون له خصوص معنى صح انطباقه على كل منهما ، لا (١) أنه يدل على مفهوم زمان يعمهما (٢) ، كما أن الجملة الاسمية (٣) ك «زيد ضارب» يكون لها معنى صح انطباقه على كل واحد من الأزمنة ، مع عدم دلالتها على واحد منها أصلا ، فكانت الجملة الفعلية مثلها (٤).
وربما يؤيد ذلك (٥) : أن الزمان الماضي في فعله ، وزمان الحال أو الاستقبال في
______________________________________________________
وأما وجه جعله مؤيدا لا دليلا : فلأن الاشتراك المعنوي غير متسالم عليه ، بل قال بعض منهم بالاشتراك اللفظي فيه ، وعلى هذا يدل المضارع على زمان الحال والاستقبال. ولكن لما كان القول بالاشتراك المعنوي أمرا مشهورا بين النحاة فهو مما يصلح للتأييد ، ولذا جعله مؤيدا لمدّعاه لا دليلا عليه.
(١) أي : لا يكون مرادهم : أن فعل المضارع يدل على مفهوم زمان يعمهما أي : الحال والاستقبال.
(٢) أي : يعم الحال والاستقبال لما عرفت من أن المأخوذ في مدلول المضارع عند النحاة هو مصداق الزمان لا مفهومه الجامع بينهما ، فيكون المقارن للحدث هو مصداق الزمان لا مفهومه ، فليس مرادهم أن المضارع يدل على مفهوم زمان يعم الحال والاستقبال.
(٣) أي : كما أن الجملة الاسمية مثل : «زيد ضارب» «لها معنى صح انطباقه على كل واحد من الأزمنة ؛ مع عدم دلالتها على واحد منها أصلا».
وملخص الكلام في المقام : كما أن الجملة الاسمية لا تدل وضعا على الزمان باتفاق النحاة ؛ بحيث يكون الزمان جزء مدلولها ، بل تدل عليه بالالتزام لأجل دلالتها على معنى صح انطباقه على كل واحد من الأزمنة ، وذلك المعنى هو ثبوت المبدأ للذات على الدوام والاستمرار ، ويكون الثبوت كذلك مستلزما للزمان ، فالجملة الاسمية تدل عليه بالالتزام ، ولا تدل على واحد من الأزمنة الثلاثة بالتضمن المسبب عن الوضع.
هذا معنى قوله : «ومع عدم دلالتها على واحد منها» أي : الأزمنة الثلاثة «أصلا» أي : عدم دلالتها وضعا وإن كانت تدل عليه التزاما.
(٤) أي : مثل الجملة الاسمية في عدم دلالتها وضعا على الزمان وإن كانت تدل عليه بالالتزام.
(٥) أي : يؤيد ما ذكرنا من عدم دلالة الفعل بالوضع على الزمان تضمنا ، بل يدل عليه التزاما ؛ أن الماضي قد يكون مستقبلا والمضارع ماضيا ، وإنما يكون الأوّل ماضيا والثاني مستقبلا بالإضافة كما سيأتي في المثالين.