خلاصة البحث
يتلخص البحث في أمور :
١ ـ الغرض من عقد الأمر الثالث : بيان خروج الأفعال والمصادر عن نزاع المشتق ، لأنها غير جارية على الذوات ، والمشتق المبحوث عنه ما يجري على الذات ، ويصح حمله عليها.
٢ ـ أن الفعل لا يدل على الزمان تضمنا بحيث يكون الزمان مأخوذا في مدلوله كما زعمه النحاة ؛ حيث قالوا : بدلالة الفعل على الزمان حتى أخذوا الاقتران به في تعريفه.
فما زعمه النحاة من دلالة الفعل على الزمان ـ حيث قالوا : الفعل : ما دل على معنى في نفسه مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ـ اشتباه واضح.
٣ ـ الدليل على عدم دلالة الفعل على الزمان بالتضمن : أنه لو دل عليه بالتضمن المسبب عن الوضع ـ بأن يكون الزمان جزءا لمدلوله ـ لزم القول بالمجاز والتجريد ؛ عند إسناد الفعل إلى نفس الزمان مثل : «مضى الزمان» ، أو إلى فوق الزمان أي : المجرد عنه مثل : «خلق الله الزمان» ، وكلاهما باطل ، لأن الأول : مستلزم للدور أو التسلسل.
والثاني : مستلزم لأن تكون أفعال الله محدودة وهو باطل ، لأن أفعال الله غير محدودة بحد أصلا ، فلا بد من القول بالمجاز بإلغاء الزمان والتجريد وهو باطل ؛ وذلك لعدم الفرق في استعمال الفعل بين إسناده إلى الزماني أو غيره ، وكان استعمال الفعل في جميع الموارد بمعنى واحد ، وعلى نسق فارد ، وهذا دليل على عدم دلالة الفعل على الزمان بالتضمن وإن كان يدل عليه بالالتزام.
ومما يؤيد ذلك هو : قول النحاة بكون المضارع مشتركا معنويا بين الحال والاستقبال ؛ إذ المأخوذ في معنى الفعل هو مصداق الزمان لا مفهومه ، والمفهوم المشترك بينهما لم يؤخذ في مدلول الفعل ، فلا يمكن الجمع بين الاشتراك المعنوي وبين أخذ مصداق الزمان في معنى الفعل ؛ إلّا إن يقال : بأن للمضارع خصوصية تستلزم الزمان وهي جامعة بين الحال والاستقبال ، فيدل الفعل على الزمان بالالتزام لا بالتضمن.
ومما يؤيد عدم دلالة الفعل على الزمان أيضا هو : استعمال الفعل الماضي في المستقبل حقيقة ، واستعمال المضارع في الماضي كذلك من دون تجوّز ولحاظ علاقة المجاز ؛ إذ لو كان الزمان مأخوذا في مدلول الفعل لكان الزمان الماضي مأخوذا في الفعل الماضي ، والمستقبل في المضارع ؛ فيكون استعمال الماضي في المستقبل ، واستعمال المضارع في