يكون معاني المتعلقات غير منطبقة على الجزئيات الخارجية لكونها على هذا كليات عقلية ، والكلي العقلي لا موطن له إلّا الذهن ، فالسير والبصرة والكوفة في ـ سرت من البصرة إلى الكوفة ـ لا يكاد يصدق على السير والبصرة والكوفة ، لتقيّدها (١) بما اعتبر فيه القصد ، فتصير (٢) عقلية فيستحيل انطباقها (٣) على الأمور الخارجية.
وبما حققناه (٤) يوفق بين جزئية المعنى الحرفي بل الاسمي ، والصدق على الكثيرين ،
______________________________________________________
يكون قصد الاستقلالية موجبا لجزئية المعنى في الأسماء أيضا ، فكما لا يكون قصد الاستقلالية مأخوذا في معاني الأسماء ، فكذلك لا يكون قصد الآلية مأخوذا في معاني الحروف. هذا ما أشار إليه لقوله : «فلم لا يكون فيها كذلك».
الثاني : ما أشار إليه بقوله : «كيف؟ وإلّا لزم أن يكون معاني المتعلقات».
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن اللحاظ إذا كان قيدا لمعنى الحرف لكان قيدا لمعنى الاسم أيضا ، لأن معنى الحرف قد يكون قيدا لمعنى الاسم ، فاللحاظ الآلي قيد لمعنى الاسم ، لأن قيد القيد قيد ، فلزم حينئذ أن يكون معاني متعلقات الحروف مثل : السير والبصرة والكوفة في قولك : «سرت من البصرة إلى الكوفة» كليات عقلية.
وإذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه يلزم من كون اللحاظ الآلي مأخوذا في المعنى الحرفي أمران :
الأول : عدم صدق متعلقات معاني الحروف على الخارجيات ، لأنها حسب الفرض مقيدة بقيد عقلي وهو لحاظ الآلية ، ومن البديهي : أن المقيد بقيد عقليّ عقليّ ، والعقلي لا موطن له إلّا العقل.
الثاني : يلزم امتناع امتثال الأمر في قولك : «سر من البصرة إلى الكوفة» ، والحال أنه يصدق على ما في الخارج ، ولا يمتنع الامتثال ، وليس هذا إلّا لعدم اعتبار قصد الآلية في الموضوع له في الحروف ، كما لا يعتبر قصد الاستقلالية في الموضوع له في الأسماء.
(١) أي : تعليل لعدم صدق ما ذكر على ما في الخارج ، لتقيّد السير والكوفة والبصرة بالمعنى الحرفي المقيد بقيد عقلي وهو لحاظ الآلية.
(٢) أي : تصير الأمور الثلاثة كليات عقلية لما عرفت من أنّ المقيّد بالقيد العقلي يصير عقليا.
(٣) أي : فيستحيل انطباق الأمور الثلاثة على الأمور الخارجية ، لأنّ الأمور العقلية لا موطن لها إلّا في العقل.
(٤) أي : من كون المعنى بنفسه في كل من الاسم والحرف كليا طبيعيا قابلا للصدق على كثيرين ، وبلحاظ تقيّده باللحاظ الآلي أو الاستقلالي جزئيا ذهنيا ؛ يوفق بين جزئية