وصناعة ، وفي بعضها قوة وملكة ، وفي بعضها فعليا لا يوجب اختلافا في دلالتها بحسب الهيئة أصلا ، ولا تفاوتا في الجهة المبحوث عنها كما لا يخفى.
غاية الأمر : أنه يختلف التلبس به في المضي أو الحال ، فيكون التلبس به (١) فعلا لو
______________________________________________________
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن اختلاف المشتقات إنما يوجب فرقا بين المبادئ في التلبس وعدمه ؛ بمعنى : أنه إذا كان المبدأ من قبيل الأفعال الخارجية كالقيام والقعود والركوع والسجود وما شاكل ؛ ذلك كان التلبس به بمباشرته فعلا ، ويصدق الانقضاء عند عدم مباشرته فعلا ، فلا يصدق القائم على النائم ولا القاعد على القائم مثلا.
وأما إذا كان المبدأ من قبيل الحرفة مثل : التجارة والبقالية ، أو من قبيل الصناعة مثل : النجارة والصياغة ، أو من قبيل القوة والملكة مثل : الكتابة والاجتهاد فيختلف التلبس ، فالتلبس به فيما إذا كان المبدأ من قبيل الحرفة يصدق ما دام محترفا ، وفي الصناعة يصدق التلبس ما دام مشتغلا بها أي : لم يتركها ، وفي الملكة والقوة يصدق التلبس ما دامتا موجودتين.
وهذا الاختلاف لا يوجب تفاوتا في الجهة المبحوث عنها ؛ وهي : إطلاق المشتق على من انقضى عنه المبدأ.
إذا عرفت هذه المقدمة فيتضح لك دفع توهم التفصيل ، وأنه توهم فاسد ، لأن اختلاف المشتقات في المبادئ لا يوجب اختصاص النزاع بما إذا كان المبدأ من قبيل الأفعال ، بل هو يتأتّى في جميع الموارد ؛ لأن البحث في جميع تلك الموارد إنما هو بعد انقضاء المبدأ.
غاية الأمر : يختلف الانقضاء باختلاف المبادئ ، فالانقضاء فيما إذا كان المبدأ من قبيل الأفعال يتحقق برفع اليد عن تلك الأفعال ولو أنا ما.
وفيما إذا كان من قبيل الحرفة والصناعة يكون بتركهما والإعراض عنهما. وفيما إذا كان من قبيل القوة والملكة يكون بزوالهما. وهذا الاختلاف لا يوجب تفاوتا بحسب الهيئة أصلا ولا في الجهة المبحوث عنها.
(١) أي : بالمبدإ «فعلا» ، ولو لم يكن مشتغلا بالمبدإ يصدق التلبس «لو أخذ» المبدأ «حرفة أو ملكة» ، فالمجتهد والتجار متلبسان بالمبدإ حتى في حال النوم ، بل «ولو لم يتلبس به» أي : بالتجارة في الحرفة ، وبالاستنباط في الملكة «إلى الحال» أي : حال الإسناد ، «أو انقضى عنه» أي : عن ذي الملكة والحرفة بأن اجتهد واتجر في الزمان السابق.