بلحاظ حال التلبس ، ولو كان في المضي أو الاستقبال ، وإنما الخلاف في كونه حقيقة في خصوصه ، أو فيما يعم ما إذا جرى عليها في الحال بعد ما انقضى عنه التلبس ، بعد الفراغ عن كونه مجازا فيما إذا جرى عليها فعلا بلحاظ التلبس في الاستقبال ، ويؤيد ذلك (١) : اتفاق أهل العربية على عدم دلالة الاسم على الزمان ، ومنه (٢) الصفات الجارية على الذوات ، ولا ينافيه (٣) اشتراط العمل في بعضها بكونه بمعنى : الحال أو الاستقبال ؛ ضرورة (٤) : أن المراد الدلالة على أحدهما بقرينة ، كيف لا وقد اتفقوا على كونه مجازا في الاستقبال؟
______________________________________________________
التقسيمين حقيقة ، لكون جريه على الذات بلحاظ حال التلبس. وأما القسم الأوّل من التقسيم الأول ـ وهو بأن يكون لفظ «أمس» قيدا لحال التلبس فقط ـ فيكون محلا للخلاف فيراه الأعمي حقيقة ، ويراه من يقول بكون المشتق حقيقة في خصوص حال التلبس بالمبدإ مجازا.
وأما القسم الأول من التقسيم الأول وهو : أن يكون لفظ «غد» قيدا لحال التلبس ، وقرينة لتعيينه فقط ؛ فيكون مجازا بلا إشكال ولا خلاف.
(١) أي : يؤيد ما ذكرناه من كون المراد بالحال في عنوان المسألة هو حال التلبس ـ لا حال النطق ـ : «اتفاق أهل العربية على عدم دلالة الاسم على الزمان».
خلاصة التأييد : أن الاتفاق الحاصل من أهل العربية القائم على عدم دلالة الاسم على الزمان ـ ومنه المشتق الجاري على الذات ـ فلو أريد من الحال حال النطق لا حال التلبس كان المشتق دالا على الزمان ؛ مع إنهم اتفقوا على عدم دلالة الاسم على الزمان ، وهذا الاتفاق شاهد على خروج الزمان عن مدلول الاسم. ولعل وجه عدم جعل ذلك دليلا برأسه : عدم حجية اتفاقهم على فرض ثبوته ، ولكن مع ذلك لا يخلو عن تأييد.
(٢) أي : ومن الاسم هو المشتق في محل الكلام أعني : الصفات الجارية على الذوات.
(٣) قوله : «ولا ينافيه اشتراط العمل ...» إلخ دفع لتوهم التنافي بتقريب : أن اتفاق أهل العربية على عدم دلالة الاسم على الزمان ينافي ويناقض ما ذكره النحاة من اشتراط العمل في بعضها ؛ كاسمي الفاعل والمفعول بالدلالة على زمان الحال أو الاستقبال ، وأنه لو دل على الماضي لا يعمل عمل الفعل. فالاتفاق الحاصل على عدم الدلالة على الزمان ينافي الاشتراط المزبور. حيث إنه ظاهر في دلالة بعض المشتقات الاسمية على زمان الحال أو الاستقبال.
(٤) تعليل لقوله : «ولا ينافيه».