التلبس ، مع إنه بمكان من الإمكان ، فيراد من : جاء الضارب أو الشارب (١) ـ وقد انقضى عنه الضرب والشرب ـ جاء الذي كان ضاربا وشاربا قبل مجيئه حال التلبس بالمبدإ ، لا حينه (٢) بعد الانقضاء ، كي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال (٣) ، وجعله (٤) معنونا بهذا العنوان فعلا بمجرد تلبسه قبل مجيئه ؛ ضرورة : أنه (٥) كان للأعم لصح استعماله بلحاظ كلا الحالين.
______________________________________________________
(١) أي : يراد ـ من جاء الضارب أو الشارب ـ أي : جاء الذي كان ضاربا حين التلبس قبل مجيئه لا الذي هو ضارب حال النطق أو المجيء بلحاظ تلبسه السابق. وكذا جاء الشارب. وكان الأولى تقديم قبل مجيئه بأن يقال : جاء الذي كان قبل مجيئه ضاربا أو شاربا حال التلبس بالمبدإ. وكيف كان ؛ فإطلاق المشتق على الذات في المثالين إنما هو بلحاظ حال تلبس الذات بالمبدإ فيكون على نحو الحقيقة.
(٢) أي : ليس المراد من جاء الضارب أو الشارب الذي هو شارب أو ضارب حين المجيء والنطق بعد انقضاء المبدأ بأن يكون زمان المجيء ظرفا للجري والنسبة حتى يكون المشتق مجازا.
(٣) أي : حال الانقضاء حتى يكون مجازا لما عرفت : من أن الجري إذا كان بلحاظ حال الانقضاء كان المشتق مجازا.
(٤) الضمير في جعله يعود إلى الموصول في قوله : «جاء الذي كان ضاربا» وجعله عطف على قوله : «الاستعمال». ومعنى العبارة : ليس المراد من الضارب والشارب ـ في قوله : جاء الضارب أو الشارب ـ جاء الذي كان ضاربا أو شاربا حين المجيء بعد الانقضاء ، كي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال ، ويكون جعل من صدر عنه الضرب والشرب قبل مجيئه معنونا بعنوان كونه ضاربا وشاربا فعلا ؛ بسبب تلبسه بالضرب والشرب قبل المجيء بأن يكون الجري والنسبة فعليا ، والتلبس انقضائيا حتى يكون إطلاق المشتق بلحاظ الانقضاء ، فلا محالة يكون مجازا.
(٥) أي : المشتق «لو كان للأعم» ، بأن كان جريه بلحاظ حال التلبس الموجب للحقيقة وبلحاظ حال التكلم الموجب للمجازية «لصح استعماله بلحاظ كلا الحالين» أي : حال التلبس والانقضاء ؛ لكون كل منهما فردا للمعنى الحقيقي فكان استعمال المشتق في كلاهما حقيقة ، وحينئذ فلا يتعين كونه مجازا حتى يراد : أنه يلزم كون المجاز أكثر من الحقيقة.
فقوله : «ضرورة أنه ...» إلخ تعليل لما أفاده من إمكان كون الاستعمال في موارد الانقضاء بلحاظ التلبس ، فيكون على نحو الحقيقة لا المجاز.