مطلقا (١) بلحاظ هذا الحال ، كما لا يصح سلبه بلحاظ حال التلبس ، فتدبر جيدا.
ثم لا يخفى : أنه (٢) لا يتفاوت في صحة السلب عما انقضى عنه المبدأ بين كون المشتق لازما وكونه متعديا ؛ لصحة سلب الضارب عمن يكون فعلا غير متلبس بالضرب ، وكان متلبسا به سابقا.
______________________________________________________
(١) أي : فيصح سلب المشتق في جميع الأزمنة ؛ لكن «بلحاظ» تقييد الموضوع به «هذا الحال» الانقضائي ، «كما لا يصح سلبه بلحاظ حال التلبس» ، أي : فلا يصح أن يقال : زيد في حال التلبس ليس بضارب ، «فتدبر جيدا».
يمكن أن يكون إشارة إلى ما قيل : من منع إطلاق تسليم المصنف عدم العلامية على تقدير كونه قيدا للمسلوب ، بل يصح أن يقال : «زيد ليس بضارب في حال الانقضاء» ، ويكون علامة للمجازية ؛ إذ لو كان للأعم لما صح السلب المذكور.
(٢) هذا الكلام من المصنف ردّ لما ذهب إليه صاحب الفصول في هذه المسألة ؛ من التفصيل بين المتعدي واللازم حيث قال ما حاصله : من أن المشتق إن كان مأخوذا من المبادئ المتعدية إلى الغير ؛ كالضرب والقتل كان حقيقة في الأعم ، وإلّا كان حقيقة في المتلبس بالمبدإ في الحال.
وغاية ما يمكن أن يقال في وجه هذا التفصيل هو : إن المشتق إن كان مأخوذا من المبادئ المتعدية ؛ لم يعتبر في صدقه على الذات اتصافها بالمبدإ فعلا ، لأن المبدأ لم يكن قائما بنفس الذات ، بل بغيرها لفرض التعدي عنها إلى غيرها وهو المفعول به ، فيكون إطلاقه عليها بعد الانقضاء حقيقة ، كما يكون إطلاقه عليها حال التلبس كذلك.
هذا بخلاف ما إذا كان المشتق مأخوذا من المبادئ اللازمة ؛ القائمة بنفس الذات ، فيعتبر حينئذ في صدق المشتق عليها : بقاء المبدأ القائم بها ، فانقضاء المبدأ يوجب مجازية إطلاق المشتق على المنقضي عنه المبدأ.
وحاصل ما أفاده المصنف في ردّ هذا : أنّ التفصيل المزبور فاسد كما أشار إليه بقوله : «لصحة سلب الضارب ...» إلخ.
وملخصه : أنه لا فرق في مجازية المشتق فيما إذا أطلق على المنقضي عنه المبدأ بين كونه متعديا ؛ كالضرب ، أو لازما كالحسن.
والفرق بين المبادئ إنما هو في كيفية قيامها بالذوات ، فإن قيام المبادئ المتعدية بها إنما هو بنحو الصدور والإيجاد ، وقيام المبادئ اللازمة بها إنما هو بنحو الحلول. وقد عرفت سابقا : أن اختلاف كيفية القيام لا يوجب تفاوتا في الجهة المبحوث عنها ؛ وهي وضع هيئة المشتق.