النحو الأول ، لو لم نقل بنهوضها (١) على النحو الثاني (٢) ، فإن الآية الشريفة في مقام بيان جلالة قدر الإمامة والخلافة وعظم خطرها ورفعة محلها ، وإن لها خصوصية من بين المناصب الإلهية ، ومن المعلوم : أن المناسب لذلك ، هو أن لا يكون المتقمص بها متلبسا بالظلم أصلا ، كما لا يخفى.
إن قلت (٣) : نعم ؛ ولكن الظاهر : أن الإمام «عليهالسلام» إنما استدل بما هو قضية
______________________________________________________
الثالث الذي هو الأول في الذكر بعد قوله : «إذا عرفت هذا» ، وهو الذي أشار إليه بقوله : «على النحو الأخير» وهو ثالث الأقسام التي ذكرها في المقدمة.
(١) أي : نهوض القرينة وهي مناسبة الحكم والموضوع التي هي من القرائن المعتبرة.
(٢) أي : كون المبدأ ـ آناً ما ـ علّة محدثة ومبقية. قوله : «فإن الآية الشريفة ...» إلخ بيان لنهوض القرينة على النحو الثاني وحاصله : على ما في «منتهى الدراية» : أن الآية الشريفة في مقام بيان جلالة منصب الإمامة وعظم شأنها ، وأنها من أعظم المناصب الشامخة الإلهية ؛ التي لا يليق بها كل أحد ، فلا بد أن يكون المتقمص بها منزّها في تمام عمره عن كل رذيلة فضلا عن الكفر الذي هو لصاحبه أعظم بلية ، فمن اتصف في آن من آنات عمره برذيلة لا تناله الخلافة فضلا عن الكفر ، فهذه قرينة على كون عنوان الظالمين في الآية المباركة مأخوذا على النحو الثاني ، وهو كفاية وجود المبدأ ـ آناً ما ـ في عدم اللياقة لمنصب الخلافة إلى الأبد ، فلا يتم استدلال القائلين بالأعم بالآية الشريفة.
وهذا ما أشار إليه بقوله : «أن المناسب لذلك» أي : المناسب لجلالة هذا المنصب وعظمته : أن لا يكون المتقمص به متلبسا بالظلم ولو آناً ما في عمره ؛ بل لا بد أن يكون طاهرا عن لوث المعصية في جميع آنات عمره.
(٣) قوله : «إن قلت : ...» إلخ إشكال على ما ذكره المصنف من الجواب عن الاستدلال بالآية الشريفة على وضع المشتق للأعم.
وحاصل الإشكال : إنّنا سلمنا أن الآية الكريمة هي في مقام بيان جلالة قدر الإمامة والخلافة ، وإن المناسب لها أن يكون المشتق فيها من القسم الثاني ، فتكون المناسبة المذكورة قرينة مقامية على علية المبدأ حدوثا وبقاء ، ولازم ذلك : كفاية صدق الظالم آناً ما في عدم نيل منصب الإمامة إلى الأبد.
لكن الظاهر : أن الاستدلال على عدم لياقة المتلبس ـ آناً ما ـ للإمامة ولو بعد انقضاء الظلم عنه إنما يكون بما يقتضيه الوضع لا بقرينة المجاز ؛ إذ الأصل عدم العدول عن الحقيقة إلى المجاز ، فعليه : يكون الظاهر : وضع المشتق للأعم ؛ لئلا يلزم مجازية إطلاقه على المنقضي عنه المبدأ ، ولازم ذلك : أن استدلال الإمام بها إنما يتم على القول بوضع