بقي أمور :
الأول : أن مفهوم المشتق (١) ـ على ما حققه المحقق الشريف في بعض حواشيه ـ
______________________________________________________
وثانيا : إن جري المشتق على النحو الثاني لا يستلزم مجازا أصلا ؛ لأن إطلاقه بلحاظ حال التلبس حقيقة ، فلا يتوقف الاستدلال بالآية الشريفة على وضع المشتق للأعم.
٤ ـ قد ظهر من ردّ الاستدلال بالآية : الإشكال في الاستدلال على التفصيل بين المحكوم عليه والمحكوم به ؛ بقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) حيث يكفي صدق عنوان السارق في القطع ولو بعد زوال المبدأ ، فلا دخل لوضع المشتق للأعم أو الأخص ؛ لأن العنوان علة للحكم حدوثا وبقاء.
في بيان بساطة مفهوم المشتق أو تركبه
(١) أي : في مفهوم المشتق خلاف بين الأعلام ، ذهب المحقق الشريف في حاشيته على شرح «المطالع» إلى : أن مفهوم المشتق بسيط ردّا على صاحب شرح «المطالع» ؛ حيث ذهب إلى التركيب ، وذلك أنه ذكر في جواب الإشكال الوارد على تعريف المشهور للفكر والنظر ـ بأنه ترتيب أمور معلومة لتحصيل المجهول ـ.
وحاصل الإشكال على هذا التعريف : أنه لا يشمل التعريف بالفصل وحده كتعريف الإنسان بالناطق ، ولا بالخاصة وحدها كتعريفه بالضاحك ؛ لأن الترتيب لا يتصور في الأمر الواحد ، فلا يكون التعريف المذكور للفكر والنظر جامعا.
وقد أجاب شارح «المطالع» عن هذا الإشكال : بأن المشتق وإن كان في اللفظ مفردا ؛ إلّا إن معناه شيء ثبت له النطق أو الضحك فيكون من حيث المعنى مركبا ، لأن مفهوم الناطق مركب من ذات ووصف ، فالناطق ينحل إلى ذات ونطق وكذا الضاحك ، فلا يكون ترتيب أمر واحد ، بل ترتيب أمور معلومة عند النفس لتحصيل شيء مجهول.
وردّه المحقق الشريف : بأنه لا يمكن أخذ الشيء في مفهوم المشتق ، فما ذكره شارح «المطالع» من أن معنى «الناطق» شيء له النطق غير صحيح بل مستحيل.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن الشيء الذي ينحل إليه مفهوم المشتق ـ ويقال : الناطق شيء له النطق ، والضاحك شيء له الضحك ـ لا يخلو عن أحد احتمالين : أحدهما : أن يراد به مفهومه. وثانيهما : أن يراد به مصداقه أي : الإنسان.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن كل واحد من الاحتمالين مستلزم للمحال فيكون باطلا ، فالقول بتركيب المشتق باطل فلا محيص عن القول ببساطة المشتق.