بسيط منتزع عن الذات باعتبار تلبسها بالمبدإ واتصافها به غير مركب ، وقد أفاد في وجه ذلك : أن مفهوم الشيء لا يعتبر في مفهوم الناطق مثلا ، وإلا (١) لكان العرض العام داخلا في الفصل ولو اعتبر فيه ما صدق عليه الشيء انقلبت مادة الإمكان الخاص ضرورة (٢) ؛ فإن (٣) الشيء الذي له الضحك هو الإنسان ، وثبوت الشيء لنفسه ضروري. هذا ملخص ما أفاده الشريف على ما لخصه بعض (٤) الأعاظم.
وقد أورد عليه (٥) في الفصول : بأنه يمكن أن يختار الشق الأول ، ويدفع الإشكال
______________________________________________________
وأما توضيح الاستحالة على كلا الاحتمالين : فلأنه لو كان المراد من الشيء مفهومه لزم دخول العرض العام في الفصل ؛ لأن مفهوم الشيء عرض عام بدليل صدقه على المتباينات من جميع الجهات وهو محال ؛ يعني : دخول العرض العام في الفصل محال ، لأن الفصل ذاتي داخل في حقيقة الشيء ، والعرض العام خارج عن حقيقة الشيء ، فيستحيل أن يدخل أحدهما في مفهوم الآخر لتباينهما.
ولزوم تقوّم الذاتي بالعرض وهو محال ؛ لأن الفصل مقوّم للنوع والعرض خارج عنه غير مقوّم له. وأما لو كان المراد من الشيء مصداقه ـ وهو الإنسان في المثالين المزبورين ـ لزم انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية وهو مستحيل.
توضيح الانقلاب : أن قولنا : «الإنسان ضاحك» قضية ممكنة ، فلو كان مصداق الشيء وهو الإنسان مأخوذا في مفهوم الضاحك لكان معناه «إنسان له الضحك» ، فترجع القضية الممكنة إلى قولنا : «الإنسان إنسان له الضحك» وهي ضروري ، لأن ثبوت شيء لنفسه ضرورية ، وهذا معنى انقلاب القضية الممكنة إلى القضية الضرورية. واستحالة انقلاب الممكنة إلى الضرورية بديهي. وقد أشار إلى ما ذكرناه بقوله : «وقد أفاد في وجه ذلك» أي : في وجه البساطة وردّ القول بالتركيب.
(١) أي : وإن كان مفهوم الشيء معتبرا في مفهوم الناطق لكان العرض العام داخلا في الفصل ـ وهذا هو المحذور الأول ـ فيلزم تقوّم الذاتي بالعرض ؛ وهو محال على ما عرفت.
(٢) أي : لزم انقلاب القضية الممكنة إلى القضية الضرورية لو اعتبر في المشتق مصداق الشيء ـ هذا هو المحذور الثاني ـ إذ قولنا : الإنسان ضاحك في قوة الإنسان إنسان.
(٣) هذا الكلام بيان للانقلاب الذي لازمه انتفاء القضايا الممكنة ، وبطلانه لا يحتاج إلى الدليل.
(٤) وهو صاحب الفصول ، ص ٦١. س ٣٠.
(٥) أورد صاحب الفصول على قول الشريف بما هذا لفظه : «ويمكن أن يختار