بأن كون الناطق ـ مثلا ـ فصلا ، مبني على عرف المنطقيين ، حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات ، وذلك (١) لا يوجب وضعه لغة كذلك (٢).
وفيه (٣) : أنه من المقطوع أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف في معناه أصلا ، بل بما له من المعنى كما لا يخفى.
______________________________________________________
الوجه الأول ، ويدفع الإشكال بأن كون الناطق فصلا مبنيّ على عرف المنطقيين حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات ، وذلك لا يوجب أن يكون وضعه لغة كذلك» انتهى.
وتوضيح ما أفاده صاحب الفصول في ردّ قول الشريف يتوقف على مقدمة وهي : أن الناطق معناه اللغوي الاشتقاقي «شيء له النطق» فيكون مركبا. وهو في عرف المنطقيين يكون بسيطا ، لأنهم يعتبرونه مجردا عن مفهوم الذات.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول في ردّ المحقق الشريف : أنّنا نختار الشق الأول أي : دخول مفهوم الشيء في مفهوم المشتق ، ويدفع الإشكال ـ وهو دخول العرض العام في الفصل ـ بأنّ ذلك مبني على عرف المنطقيين حيث جعلوه فصلا للإنسان ، واعتبروه مجردا عن مفهوم الذات وخاليا عن مفهوم الشيء ؛ ولكن هذا ليس محل الكلام ، لأن محل الكلام هو مفهوم المشتق لغة ، فحينئذ إذا اخترنا اعتبار مفهوم الشيء ؛ في مفهوم الناطق لغة لا يلزم دخول العرض العام في الفصل المنطقي ؛ بل في معنى الناطق لغة وهو مما لا محذور فيه عقلا ، لأن المحذور إنما هو في دخول العرض العام في الفصل المنطقي لا في المعنى اللغوي ، فما فيه المحذور غير لازم ، وما هو اللازم لا محذور فيه عقلا.
(١) أي : تجرد الناطق عن مفهوم الذات عند المنطقيين لا يوجب وضعه للمعنى المجرد عن الذات عند اللغويين ؛ لعدم الملازمة بينهما.
(٢) أي : مجردا عن مفهوم الذات. فالاستدلال المزبور على بساطة المشتق غير تام ، وذلك لعدم استلزام بساطة معناه المنطقي لبساطة معناه اللغوي.
(٣) قد أجاب المصنف عن إيراد الفصول على الشريف بما حاصله : أن المقطوع هو أن «الناطق» بما له من المعنى اللغوي جعل عند أهل الميزان فصلا ؛ من دون تصرف منهم في معناه اللغوي حتى يكون معناه المنطقي مغايرا لمعناه اللغوي ؛ إما بتعدد الوضع ، وإما بالحقيقة والمجاز ، فيلزم ما ذكره الشريف من دخول العرض العام في الفصل المنطقي. فإيراد الفصول على استدلال الشريف غير وارد.