إنما هو (١) بملاحظة أن نسبة هذا المحمول إلى ذلك الموضوع موجهة بأيّ جهة منها (٢) ومع أية منها في نفسها صادقة ؛ لا بملاحظة ثبوتها له واقعا أو عدم ثبوتها له كذلك ، وإلّا كانت الجهة منحصرة بالضرورة ، ضرورة : صيرورة الإيجاب أو السلب ـ بلحاظ الثبوت وعدمه ـ واقعا ضروريا ، ويكون من باب الضرورة بشرط المحمول (٣).
وبالجملة : الدعوى (٤) هو انقلاب مادة الإمكان بالضرورة فيما ليست مادته واقعا في نفسه وبلا شرط غير الإمكان.
وقد انقدح بذلك (٥) : عدم نهوض ما أفاده «رحمهالله» بإبطال الوجه الأول كما
______________________________________________________
الدراية ، ج ١ ، ص ٣١٥».
(١) أي : المناط في الجهات ومواد القضايا. والفرق بين مادة القضية وجهتها : أن المراد بالأولى هي كيفية النسبة الواقعية ، وبالثانية : هو اللفظ الدال على الكيفية مثل : لفظ الضرورة والإمكان وغيرهما.
(٢) أي : من الجهات كالضرورة والإمكان وغيرهما. والضمير في «نفسها» يرجع إلى النسبة ، وكذلك الضمير في «ثبوتها» في الموردين يعود إلى النسبة.
(٣) أي : الضرورة بشرط المحمول خارجة عن محل النزاع ؛ بل النزاع إنما هو في انقلاب الممكنة إلى الضرورية في حد نفسها ؛ لا باشتراطها بوجود المحمول للموضوع.
(٤) أي : دعوى الشريف «هو انقلاب مادة الإمكان بالضرورة» إذا أخذ في المشتق مصداق الذات «فيما» أي : في قضية «ليست مادته» غير الإمكان أي : ليست بشرط وجود المحمول.
(٥) أي : بما ذكرناه ـ في ردّ قول الفصول بالانقلاب ـ من الفرق بين الضرورة الذاتية وبين الضرورة بشرط المحمول ، وما في الفصول من الانقلاب إلى الضرورة بشرط المحمول خارج عن محل الكلام أي : بما ذكرنا ظهر : عدم نهوض ما أفاده صاحب الفصول «رحمهالله» بإبطال الوجه الأول.
الغرض من هذا الكلام هو : الإشكال على ما ذكره الفصول في الوجه الأول ؛ بعد بسط الكلام في الوجه الثاني والنظر فيه قال ما هذا لفظه : «ولا يذهب عليك أنه يمكن التمسك بالبيان المذكور على إبطال الوجه الأول أيضا ؛ لأن لحوق مفهوم الذات أو الشيء لمصاديقهما أيضا ضروري ، ولا وجه لتخصيصه بالوجه الثاني». انتهى.