وبالجملة : (١) لا ينثلم بالانحلال إلى الاثنينية ـ بالتعمل العقلي ـ وحدة المعنى وبساطة المفهوم كما لا يخفى ، وإلى ذلك (٢) يرجع الإجمال والتفصيل الفارقان بين المحدود والحد ، مع ما هما عليه من الاتحاد ذاتا ، فالعقل بالتعمل يحلل النوع ، ويفصّله إلى جنس وفصل ، بعد ما كان (٣) أمرا واحدا إدراكا ، وشيئا فاردا تصورا ، فالتحليل يوجب فتق (٤) ما هو عليه من الجمع والرتق.
______________________________________________________
(١) وبالجملة : أنه لا تنافي بين القول ببساطة المشتق إذا كان المراد بها وحدة المعنى تصورا ، وبين القول بتركبه إذا كان المراد به تعدده بالتعمّل من العقل ، فإن لفظ الإنسان مثلا وضع لمعنى واحد ، لكن يحلله العقل إلى جنس وفصل.
(٢) أي : البساطة التصورية والتركب التحليلي العقلي يرجع إلى الإجمال والتفصيل ؛ الموجبان للفرق بين المحدود كالإنسان ، وبين الحد كالحيوان الناطق في تعريف الإنسان ؛ مع إن المحدود والحد متحدان ذاتا ، والفارق بينهما ليس إلّا الإجمال والتفصيل ؛ فإن المحدود واحد تصورا ، والحد يكون عينه لكنه بعد التحليل العقلي ، فالتفصيل ملحوظ في الحد ، والإجمال ملحوظ في المحدود.
(٣) أي : بعد ما كان النوع أمرا بسيطا مفهوما.
(٤) أي : تفصيل المعنى الذي هو المحدود كان عليه من الجمع والرتق ذهنا وتصورا.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
يتلخص البحث في أمور تالية :
١ ـ بيان ما استدل به المحقق الشريف على بساطة مفهوم المشتق وحاصله : أن المشتق لو لم يكن بسيطا وكان مركبا لزم أحد أمرين : أحدهما : دخول العرض العام في الفصل. وثانيهما : انقلاب مادة الإمكان إلى الضرورة والتالي بكلا شقيه باطل ؛ فالمقدم أعني : كون المشتق مركبا أيضا باطل. أما الملازمة : فلأن المأخوذ في مفهوم المشتق ـ على فرض تركبه ـ إما هو مفهوم الشيء أو مصداقه ، فعلى الأول : يلزم دخول العرض العام في الفصل. وعلى الثاني : يلزم الانقلاب. وأما بطلان التالي فواضح.
٢ ـ جواب الفصول عن كلا شقي الإشكال :
أما عن الأول : فبأن الناطق إنما يكون فصلا في عرف المنطقيين ، ومحل الكلام هو مفهوم المشتق لغة ، فحينئذ لا يلزم من اعتبار مفهوم الشيء في مفهوم المشتق لغة دخول العرض العام في الفصل ، بل يلزم دخوله في مفهوم المشتق لغة وهو مما لا محذور فيه عقلا.