المباحث ، وإن كان عن أحوال السنة بهذا المعنى ، إلّا إنّ البحث في غير واحد من مسائلها (١) ، كمباحث الألفاظ ، وجملة من غيرها ، لا يخص الأدلة ، بل يعم غيرها (٢) ، وإن كان المهم معرفة أحوال خصوصها (٣) ، كما لا يخفى. ويؤيد ذلك (٤): تعريف الأصول ، بأنّه «العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية».
وإن كان الأولى (٥) تعريفه بأنه : «صناعة يعرف بها القواعد التي يمكن أن تقع في
______________________________________________________
بهذا المعنى» أي : السنة بمعنى : الأعمّ من الحاكي والمحكي ، فيرتفع إشكال خروج المسألتين عن مسائل علم الأصول.
(١) أي : مسائل السنة.
(٢) أي : غير الأدلة الأربعة ، لأن البحث عن ظهور الأمر في الوجوب مثلا لا يخص بالأمر الوارد في الكتاب أو السنة فيخرج عن مسائل علم الأصول ؛ لأنه ليس بحثا عن خصوص الأدلة الأربعة.
(٣) أي : خصوص الأدلة الأربعة كي يكون البحث عن أحوالها بحثا عن عوارضها الذاتية ، وكيف كان ؛ فقد ثبت مما ذكر : أن الحق هو ما ذهب إليه المصنف من أن موضوع علم الأصول هو الكلي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتتة ، فلا يرد عليه شيء مما تقدم وروده على القول بحصر الموضوع في الأربعة.
(٤) أي : يؤيد كون موضوع علم الأصول هو الكلي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتتة لا خصوص الأدلة الأربعة أي : يؤيد ذلك تعريف ـ القوم المشهور على ألسنتهم ـ الأصول بأنه «العلم بالقواعد ...» إلخ.
وجه التأييد : أنّ مقتضى صيغة الجمع المعرف باللام ـ أعني : القواعد ـ هو العموم ، إذن : فكل مسألة تقع في طريق الاستنباط هي من مسائل الأصول ؛ سواء كانت من الأدلة الأربعة أم لم تكن.
فلو كان موضوع الأصول هي الأدلة الأربعة ؛ لكان الأنسب في تعريف الأصول أن يقال : «بأنّه علم بالمسائل التي يبحث فيها عن أحوال الكتاب والسنة والإجماع والعقل» فإن قيل : لما ذا جعل مؤيدا ولم يجعل دليلا؟
فإنّه يقال : إنّ هذا التعريف هو من القائلين بكون الموضوع هي الأدلة الأربعة فيمكن أن يكون اللام في القواعد للعهد ، فيكون إشارة إلى الأدلة الأربعة. ولعله نظرا إلى هذا الاحتمال قال : «ويؤيد ذلك» ، ولم يقل ويدل على ذلك.
(٥) أي : كان الأولى للأصوليين أن يعرفوا علم الأصول بأنه «صناعة» أي : فن كفنّ الصياغة والنجارة وغيرهما من الفنون.