الرابع (١):
لا ريب في كفاية مغايرة المبدأ مع ما يجري المشتق عليه مفهوما ، وإن اتحدا عينا
______________________________________________________
المتغايرين مفهوما ، والمتحدين خارجا ؛ لما في علم الميزان من اتحاد الجنس مع الفصل خارجا.
الثالث : أن الحمل يقتضي التغاير الحقيقي ، مع إن التغاير كذلك مانع من صحة الحمل.
خلاصة البحث
إن ملاك صحة الحمل هو الاتحاد بين الموضوع والمحمول من جهة ، والتغاير من جهة أخرى. ومن هنا يظهر : عدم اعتبار ملاحظة التركيب بين المتغايرين في صحة حمل أحدهما على الآخر كما في الفصول ؛ حيث جعل ملاحظة التركيب من شروط صحة الحمل. نعم ؛ قد أشار المصنف إلى ما جاء في الفصول من لزوم ملاحظة التركيب بين المتغايرين بملاحظتهما شيئا واحدا ، ثم حمل أحدهما على الآخر.
ثم أورد المصنف عليه ؛ أولا : بأن ملاحظة التركيب مخلّ بالحمل ؛ لاستلزامها المغايرة بين الموضوع والمحمول ، فينتفي الاتحاد المصحح للحمل.
وثانيا : بأنه من الواضح أن لا يلاحظ في الموضوع والمحمول إلّا ذاتهما ومعناهما ؛ بلا لحاظ شيء آخر أصلا. هذا في جميع القضايا وموارد الحمل.
(١) الغرض من عقد هذا الأمر أولا : بيان كيفية حمل ما يجري من الصفات عليه «سبحانه وتعالى» ، ودفع الإشكال عن حمل الصفات على ذاته المقدسة ؛ لأن الحمل لا بد فيه من تغاير الموضوع والمحمول ، والمفروض : أن صفاته «جل اسمه» ، عين ذاته فلا تغاير بينهما.
وثانيا : دفع ما وقع من الاشتباه عن صاحب الفصول ؛ حيث التزم بالنقل أو التجوّز في ألفاظ الصفات الجارية عليه «سبحانه وتعالى».
وأما الإشكال على حمل الصفات عليه تعالى ، مع الجواب عنه فيتوقف على مقدمة وهي : أن المبدأ قد يكون مغايرا للذات كما في قولنا : «زيد ضارب» مثلا ، وأخرى : يكون عين الذات كما في صفاته تعالى فيقال : «الله عالم» ، والمفروض : أن علمه تعالى عين ذاته.
وقد عرفت ما هو الملاك في صحة الحمل ؛ وهو الاتحاد بين الموضوع والمحمول من جهة ، والتغاير من جهة أخرى.