يجري عليه المشتق ؛ في اعتبار قيام المبدأ به ، في صدقه على نحو الحقيقة ، وقد استدل من قال بعدم الاعتبار بصدق الضارب والمؤلم مع قيام الضرب والألم بالمضروب والمؤلم ـ بالفتح ـ.
______________________________________________________
المشتق عليها على نحو الحقيقة ، وإثبات ما هو الحق عند المصنف «قدسسره» : من اعتبار قيام المبدأ بالذات حقيقة في صدق المشتق عليها على نحو الحقيقة.
واعلم : أن الأقوال في المسألة أربعة :
الأول : ما ذهب إليه الأشعري من اعتبار القيام بمعنى : الحلول ، ولهذا السبب قالوا : إن صفات الله تعالى زائدة عليه ، ونقل عنهم في محكي المواقف ما لفظه : «لا شك أن علة كون الشيء عالما هي العلم ، وحد العالم من قام به العلم ، وشرط صدق المشتق على واحد منا ثبوت أصله له ، فكذا شرطه فيمن غاب وهكذا سائر الصفات». وبهذا الدليل نفسه أثبتوا الكلام النفسي وقالوا : إن المراد بالكلام في المشتق ـ أعني : إطلاق المتكلم عليه تعالى ـ هو معنى قديم قائم بالذات ؛ لأن الكلام بالمعنى المعروف من قبيل الحوادث ، ويلزم من قيامه بالذات القديمة كونها محلا للحوادث وهو غير جائز.
الثاني : ما ذهب إليه المعتزلي من عدم اعتبار القيام الحلولي ، ولهذا ذهبوا إلى نفي الصفات الزائدة عن الله تعالى.
وما يمكن الاستدلال به له وجوه ؛ منها : إطلاق الضارب والمؤلم ـ بالكسر ـ على الفاعل ؛ مع قيام الضرب والإيلام بالمفعول ، وهو المضروب والمؤلم ـ بالفتح ـ وإطلاق الخالق والمتكلم على الله تعالى ؛ مع قيام مبدئهما بغيره من المخلوق والجسم ؛ لأن التكلم من الله تعالى هو : إيجاد الأصوات في الأجسام.
ومنها : إطلاق الصفات الذاتية الجارية على الله تعالى ؛ مع كون مباديها عين الذات فكيف يتصور القيام؟
ومنها : إطلاق اللابن والتامر وغيرهما مما كان المبدأ فيه ذاتا.
الثالث : ما يستفاد من ظاهر «الفصول» ؛ من اعتبار القيام بالمعنى الأعم من الحلول والصدور ؛ فيما لم يكن المبدأ ذاتا ، وعدم اعتباره فيه ؛ ولذا التزم بصدق القيام في الأمثلة الأربعة المتقدمة في الوجه الأول وهي : الضارب والمؤلم والخالق والمتكلم. والتزم في الصفات الذاتية بالنقل أو التجوّز ، وصرح بعدم اعتبار القيام في اللابن وأمثاله.
الرابع : ما اختاره المصنف من اعتبار القيام بمعنى : التلبس ، ولكن التلبس كما يختلف باختلاف هيئات المشتق ؛ من اسم الفاعل واسم المفعول على أقسامه ، كذلك يختلف باختلاف المراد ؛ فتارة : يكون التلبس حلوليا ، كما في مثل «الأبيض» ، وقد يكون